loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

بعد الكأس الثالثة

breakLine

 

 

أغصان الصالح / قاصة عراقية

 

ساعة كاملة مرتْ وأنا جالسة على أرضية المطبخ،   ساندة ظهري على الطباخ وممدة ساقي وافكر من أين أبدأ . بعد أنْ قطعتُ عهداً أمام طبيبي النفسي بأنّي سوف أتخلص من كل الأشياء التي احتفظ بها رغم أنتهاء صلاحيتها أو لكونها لا تصلح للأستخدام أكثر من مرة .لابد من أنْ أفرغ  درُج خزائن البيت كلها . لكني ما زلتُ غير قادرة على أنْ أقرر من أين  سأبدأ  . ولأني أعلم جيداً أنّ جلستي هذه ستطول   وأني  لن أجرؤ على رمي  هذه الأشياء التي أحتفظ بها  ,قررتُ  أنْ أكون شخصاً آخر ، نعم شخص يهمل قيمة الأشياء  من حوله  ولا يدرك قيمة نفسه  .لذلك أعددت لنفسي أجواء تنقلني لأتقبل شخصيتي الجديدة، أعددتُ لنفسي كأساً من الشراب الذي يذهب العقل تماماً  . بعد  أنْ فرغتُ من كأسي حاولتُ أنْ أسحب درج الملاعق ولكن الجرأة ما زالت غائبة عني.  قررتُ أن أزيد جرعة الشراب بكأسين حتى صرتُ أنا لست أنا قبل الشراب . سحبتُ كيساً كبيراً أحتفظتُ   بداخله بأكثر من مائة كيس .أكياس مخرومة و أكياس  مصنوعة من الورق أو القماش أو من  نايلون متعددة الألوان . ألتقطتُ أحد  الأكياس وبدأتُ أضع  فيه كل الملاعق الصدئة والشوكات المكسورة أو معقوفة الأسنان,مفاتيح علب السردين و علب اللبن الفارغة  . بعد أنتهائي  من المطبخ ,شعرتُ بشيء من الخفة مثل ثقل سقط من على كتفي  مما ساعدني على الذهاب  بعدها الى الى الحمام حاملة بيدي كيساً آخر أسود كبير عبأته ببقايا الصابون التي  كنت أجمعها في عبوات الشامبو الفارغة وفرشاة شعري المكسورة وعلب فوطي الصحية التي كنت قد حشوتها بفرش الأسنان المستعملة ، عبوات معجون الأسنان الفارغة .....جمعتُ كل أقلام حمرتي المنتهية الصلاحية وزجاجات عطري الفارغة وحتى مشبك الشعر الذي لم أستخدمه بعد أن غيرتُ تسريحتي إلى شعر قصير . أزدادت خفتي وبدأتُ اتحرر أكثر وأكثر . خزانة ملابسي  كانت محطتي الإخيرة. 
أفرغتُ   أدراج ملابسي  من القمصان المثقوبة وجوارب التي أضلت إحداها الطريق،   وحمالات صدري المهترئة وأحذيتي  الغالية  وبناطيلي التي لم تعد تسعني . سحبتُ كل هذه الأكياس التي بدتْ  ثقيلة جداً ورميتها في مكب القمامة . عدتُ الى البيت ، ورغم الخفة إلا أنّي أشعرُ أنه ما زال لدي شيء علي التخلص منه .وبينما أنا  أبحث في جميع زوايا المنزل لم أجد   سواك أنت معي .أدركتُ  حينها أنك أنت  الذي كان لابد لي التخلص منه  أولا .