loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

صراخ الحشد

breakLine

 

 

 

كريم كطافة/ كاتب عراقي

 


يخرج القائد ليحتفل بيوم نصره. يقود سيارة مرسيدس عجيبة الطراز واللون. يشق طريقه بصعوبة وسط أطواق الحماية والجموع المحتفلة ببقائها على قيد الحياة. يعتمر عقال ويشماغ القبيلة، وقناع وجه بملامح الفاتحين الداخلين إلى مدن انتهت تواً جحافل جيوشهم من تنظيفها من ساكنيها، تاركين له هذه الحشود لمتطلبات الاستقبال. كلّت يداه وهو يلوِّح بها للحشود؛ أن افتحوا لي طريقاً. كانت سعادته تطفح من لمعان عينيه الصقريتين ومن ابتسامات صامتة، تارة يمن بها على من حوله وتارة يهديها للجمهور. وكانت إحداها ضحكاً صريحاً وهو يشاهد أحد المحتفلين في وسط الجمهور يشق دشداشته طولياً ثم يأخذ باللطم على رأسه وصراخه يتصاعد، إنما الصراخ الضائع وسط لجة صراخ الحشد. لعله رغب حينها أن يسمع بماذا كان يصرخ ذلك الرجل المأخوذ بجنون الفرح الجماهيري. لجم رغبته تلك بوقار وهيبة شيخ القبيلة. لم يقل شيئاً لتلك الجموع الهاتفة بفدائه بالروح والدم. ظلت يداه تحيّي صراخهم وتطلب منهم أن يفسحوا لعجلته طريق المرور. توقفت الحرب وتقاسم مشعليها نوعاً من عدالة الأقدار، كلٌّ في مكانه على قيد السلطة كما كانا قبل اشتعالها.