loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

فلنطهُ بداية جديدة

breakLine


ريهام عزيز الدين/ شاعرة و كاتبة مصرية


قبل أن يبدأ العامُ الجديدُ تُوصد أمي بابَ المطبخِ جيدًا، تنهرُنا من الدخول
تخبرُنا أنها وضعت سبعَ حباتِ فولٍ عاريةً على الطاولة
لا يجبُ الاقتراب قبلَ اليوم الرابع.
في بداية العام الجديد، 
تطهو لنا أمي الحباتِ في إناءٍ يتسعُ لكافة وجوه العائلة الغائبة
تفوحُ من المطبخ رائحةُ خبزٍ ساخنٍ، 
محبةٌ مُتعبة وأملٌ لا يشيخ بعودة مَن لايلتفت
نتأرجحُ في الصباح بين عادةِ احتساء القهوة الروتينية وبين تلقفِ ما صنعتُه الوالدة
غير أنَّها تحسمُ الأمرَ بالضربةِ القاضية حين تُخبرنا:
حباتُ الفولِ السبع العارية
انتهت للتوِّ من تِلاوةِ طقوسِ العُزلة
يتدلى مِن سُرّتها حبلٌ سِرّيّ
التهامُها واحدةً بعد الأخرى سيصنعُ سُلَّمًا شفافًا تصعدُ عليه أحلامُنا الُمتعبة من العام الفائت 
تستَرِقُ السَّمعَ إلى أخبارِ السماء
ثمّ تعودُ لتُنبِتَ في معدةِ كُلٍّ منّا شجرةً عملاقة، 
يُمكننا دومًا أن نعودَ إليها لنستكين.
أستمعُ إليها بقداسة يوم الأحد التاسعة صباحًا بتوقيتِ أن نبدو مؤمنين
أتحسسُ بطني برِفق 
أتخيلُ أوَّلَ أبنائي، 
يغفو هانئًا أسفل شجرةٍ ابتعلتُ حباتِها للتوّ
فاتحًا ذراعيه لتلقي الوحي من عينين جَدِّةٍ أحبتُه منذُ أزمنة.
أقفُ، 
أرقُبُ بصمتٍ كلَّ ما يُمكن أن ينمو بيننا:
الغيابُ المُؤطر بحضورِ الحكايا
أمررها بخِفةٍ من بين ثنايا فم أمي المحشوّ برائحةِ الخبز الساخن،
حباتُ الفول السبع المُعلَّقة حول عُنقي لتُخبرني أنَّي أستطيع الخطوَ نحو العالم مُحمَّلة بيقينٍ أخبئُه بعناية أسفل عمودي الفقري
ومحبةٌ مُمتدةٌ نَبَتَت في رحمي منذُ عشرين سنة.