loader
MaskImg

الاخبار

اخبار ثقافية واجتماعية وفنية

"الكتاب الورقي وسلطة التكنولوجيا صراع أم تعايش"

breakLine
2022-11-01

 

 

وكالة نخيل عراقي | تحقيق | خاص

غسان عادل / بغداد

 

في البدء ما القراءة ؟

تعرف القراءة على أنها" مهارة ، وهي فعل بصري صوتي أو صامت يستخدمه إلإنسان لكي يفهم، ويعبر، ويؤثر في الأخرين "

 

ففي واحدة من ثنائيات هذا العالم المتقلب والمتجدد وغير الثابت، هناك صراع وربما حرب ضروس بين ضدين صامتين أحدهما ولد مع ولادة الإنسان والأخر أنجبته التكنولوجيا الحديثة، صراع يقوده الإنسان يقوده المزاج وفي كثير من الأحيان يقوده الكسل،


وفي هذا العالم الرحب ، يطفو على سطح متغيراته صراعاً غير منظور بين واحدة من الثنائيات المتعلقة بالقراءة، الورقية منها والالكترونية، بين عبق الكتب ورائحة الورق المفعمة بالمسك وسط زوايا العلم والأدب والفن والتاريخ، وبين الحداثة وسرعة الوصول إلى أي كتاب أو مطبوع مهما كان نادرا أو صعب المنال، كيف لا وقد اقحم عالم الكتاب الإلكتروني أو ال (bdf) نفسه بين جنبات أي قارئ في أي مكان من هذا العالم الفسيح،

 


فما بين الكتاب الورقي ونظام ( bdf)، انتداب يرفضه من يؤمن بالورق وطناً وغزو يمده مناصروا ال( bdf)، بالمجان، وهذا الغزو مشاع متاح،والأول محتج محتج،
 

ولعل المزاج ليس العنصر الوحيد المسير والمغذي لأنتصار احدى الثنائيتين، فالعين هي الأخرى ممن يشار اليها،تماما كما الكر والفر والاقبال والادبار، او يمكن اعتبارها عميلاً مزودجاً في هذه الحرب،

فهناك من ينتمي للقراءة الورقية سايكولوجياً، او يمكن اعتبارها موعداً مع الإمساك بالكتاب وتقليب الصفحات وتحسس الورق، 
فما بين العين والحفاظ عليها وعدم أجهادها،وبين ال "bdf" تكلفة، وتخزين،وسرعة، وقرار يمكن العدول عنه من كلا الجانبين،

 


فمن سيتقبل الآخر في نهاية المطاف ؟ 
 

| بدأنا نتآلف مع كيبورد اللوح الالكتروني رغم سكونه الفجّ وبرودته |

 

وحول ذلك وفي سؤال وجهته له يقول الكاتب والباحث العراقي جواد غلوم،

" اننا اعتدنا منذ ان شببنا على حبّ القراءة واقتناء الكتب ان نخلق علاقة حميمية بيننا وبين الكتاب ، وكم سهرنا الليالي الطوال ونحن نضمّ هذا الصديق الأليف بين صدورنا ونقلّب أوراقه ونتلذذ بتصفحه وكأن شميم ورقه يشبه أنفاس حبيبةٍ تختلط بأنفاسنا ونأخذه بالأحضان . 
إلا اننا الآن بدأنا نتآلف مع كيبورد اللوح الالكتروني رغم سكونه الفجّ وبرودته ، وغداً او بعد غد سوف ننسى ارتعاش الروح في الكتاب الورقي ونفتقد الإحساس الجميل والتفاعل الحميمي الذي يبعثه الورق فينا .
هذا الكتاب الذي نحبه ونعشق إضمامته الى صدورنا سيودعنا الى غير رجعة في غضون السنوات القليلة المقبلة ويؤذن بالرحيل عاجلا وسوف يسلّم عهدته الثقافية الى صديقنا الجديد الكتاب الالكتروني لتختفي الأوراق  والمحابر والمداد وتتراءى لنا الشاشة في اللوح الالكتروني بدلا من الصفحات الورقية ومجلّدات الكتب التي أفرغت جيوبنا وأخذت مساحات ليست قليلة من بيوتنا على شكل مكتبات ذات رفوف قد تصل الى السقف لكنها ملأت عقولنا ثراءً معرفيا .
غير اننا الان نستطيع حمل مئات الكتب ونضعها في لوح إلكتروني لا تزيد مساحته سعة حقيبة يدنا وربما تندسّ في جيب بنطالنا  قطعة فلاش تحوي خمسة الى عشرة كتب وهي بوزن قطعة نقدية معدنية ، وقد نشتري  حزمة من الكتب التي تفوق الألف ببخس الأثمان وأقل من سعر كتاب او كتابين ورقيين غاليين بحيث لا نُفرغ جيوبنا من مال قد نحتاجه لإدامة صحتنا وترتيب حياتنا المعيشية وبنفس الوقت لا نثقل بيوتنا بمساحات ورفوف لتسكين الكتب الورقية .


ويضيف غلو " ولا أغالي لو قلت ان المكتبات الكبيرة في بناياتها والتي كنا نرتادها مثل المكتبة الوطنية والمكتبة المركزية وحتى المنتشرة في الأحياء ، او القريبة من الجامعات سيتم تحويلها الى أغراض أخرى بما في ذلك المكتبات القائمة في الشوارع الثقافية حيث ستتحول الى محلات صغيرة لبيع مستلزمات العولمة الالكترونية بدءاً من الفلاشات الصغيرة جدا والأقراص المدمجة والتلفونات والألواح الالكترونية والطابعات وأدوات التصوير وغيرها .
سنقول لاحقا وقريبا جدا وداعا ايها الناشرون لا لقاء بعده  بكم ، فقد أرهَـقَـنا جشعكم المالي ومللنا مواعيد عرقوب التي صارت لازمة في أحاديثكم وأضاليلكم ووداعا اخر لزيارة معارض الكتب فلم تعد أقدامنا تحثّنا على ضرورة الحضور اليها واقتناء ما نريد وسوف نشتري الكتاب الذي نريد من معارض الأمازون  والنيل والفرات وغيرها الكثير الكثير ونحن نتكئ على سريرنا دون ان نحث الخطى الى مكتبات المتنبي والنهضة والمثنّى والتحرير ودكاكين سوق السراي التي بدأت تمتلئ بمستلزمات الكتاب الالكتروني .
ألا ترون معي ان غالبية زوّار المتنبي لم تعد تعنيها شراء الكتب الاّ النزر اليسير جدا ، وما زياراتهم المتكررة  أيام الجمعة خاصةً إلاّ للتنزه في أثَـرٍ وإرثٍ يوشك ان يزول ويغلق أبوابه كما غلقت أبوابها صحيفة الاكسبريس الأميركية مؤخرا واحتجبت عن الصدور ورقيا ووخزت قراءها كلاما لاذعاً في عددها الأخير قائلةً : نتمنى ان تستمتعوا بلوحاتكم الالكترونية الحقيرة .
قريبا سنهيئ قصائدنا ونطبعها في تلفوننا الذكي ونقرأ شعرا في باحة القشلة لنرثي الكتاب ؛ تماما كما كان أجدادنا الشعراء الأوائل يبكون على أطلال حبيباتهم ؛ فمَن يراهنني على يقيني الأكيد ؟؟ .

 


| ما يجري في مختبرات العالم يجعلك تعيش الذهول دائماً|


أما الكاتب المسرحي العراقي علي عبد النبي الزيدي فيرى

" اننا نعيش جميعاً كبشر على اعتاب انتهاء عصر الإيقاع البطيء باتجاه عصر الايقاع الأسرع من الضوء في مجال التكنولوجيا أو هو أقرب لهذا المفهوم، كل شيء يجري بسرعة ويتطور بشكل يفوق التصورات،

فما يجري في مختبرات العالم يجعلك تعيش الذهول دائماً، وهو أمر فرضه العقل البشري الذي يدرك تماماً أن كل شيء مقترن بالاقتصاد وسباقات الاستحواذ على المال عن طريق التكنولوجيا، ومن هنا.. الاكتشاف اليوم لا يشبه تماماً ماذا سيحدث مستقبلاً، أو لا تدركه عقول الآن، وهكذا لابدَّ أن ينسحب هذا الأمر على (الثقافة) بعمومها.. فقد انتهى –كما أزعم- عصر الصحف والمجلات الورقية التي عاشت سنواتها الذهبية وتحوّلت الى مواقع الكترونية تجتاحك في بيتك وغرفة نومك وحمامك،

وصارت المكتبات الكبرى في العالم تسكن في جيب قميصك على شكل هارد صغير أو فلاش، هذا العالم المتسارع لابدّ أن نعترف مرغمين بوجوده ونشتغل وفق هذا الأساس وإلاّ سنرجع الى عصر بدائي، إنها فعلاً سطوة جبارة باتجاه إلغاء الكتاب الورقي مستقبلاً أو هكذا أرى، وصارت كتب الـ (pdf) الأسرع بالتداول عالمياً، فمن يعرف أن لك كتبا قد صدر مؤخراً وهو في قارة أخرى بعيدة عن القارة التي تعيش فيها.. لن تتعب نفسك بإرسال كتبك عبر البريد البطيء عن طريق الطائرات، فهذا أمرٌ بات مضحكاً.. فقط تحتاج الى ضغطة زر واحد وينتهي الأمر ليذهب هذا الكتاب الى تلك القارة،

وأجد ملزماً أن أومن بكتاب الـ " pdf "وأقرأه على جهاز الموبايل وأنا في السيارة أو في طابور للحصول على الخبر أو القراءة عبر اللابتوب وسواها. عصر التكنولوجيا يفرض عليك أنماطاً من العيش والتواصل هي خارج عن ارادتك ولابدَّ لك من التعايش معها ونحن نعيش نهايات عام 2022 ولا ندري ماذا ينتظر الأجيال القادمة من تطورات هائلة في مجال التكنولوجيا بالتأكيد سيترك ظلاله على الثقافة عموما ومنها الكتاب الورقي الذي سينقرض كما أزعم رغم أننا –جيل القراءة في الثمانينيات- ما زلنا نشعر برومانسية هائلة عندما نقرأ بكتاب ورقي نشم عبيره الطيب الذي اعتدنا عليه.. ولكنه عصر السرعة الذي لا يؤمن بالرومانسيات على الإطلاق!

 


| أعتقد أن محبي الكتب الورقية في تناقص مستمر والغلبة لا شك للتقنية في آخر الأمر |

وعن ذلك يقول الشاعر والكاتب السوري هاني نديم، في إطار رؤيته الثاقبة والواقعية لهكذا حدث،

" لا شك أن الكتاب الورقي اليوم يعاني كمبيعات وتواجد، خاصةً في عالمنا العربي حيث ضياع الحقوق الفكرية وانتشار نسخ ال " bdf"، وهو ما لا نراه في أوروبا التي تحمي النسخ الورقية تماماً وتقاضي قرصنتها"


ويؤكد هاني على إن " الظرف الاقتصادي حتّم على الكثير من المختصين ومحبي القراءة؛ اللجوء إلى عالم الكتب الرقمية. لا أعرف كيف هو الحال بعد عشر سنوات، ولكن أعتقد أن محبي الكتب الورقية في تناقص مستمر والغلبة لا شك للتقنية في آخر الأمر " .

 


| لكتاب الورقي رفيق الطفولة والشباب وها انا اليوم اشجع عليه |

فيما يرى الكاتب ومعد البرامج حسن جعفر ذلك بقوله

" لم اتخيل يوماً اني سأقرأ كتباً من الادب العالمي بصيغة "pdf "كون البدايات كانت كتباً ورقية من مكتبة والدي قرأتها وبعمر صغير لكن ما حصل ان اضطررت لذلك لدخولي في مجموعة ثقافية مما يتطلب انجاز قراءة الكتاب خلال أيام وقد كانت تجربة ممتعة ، عدت بعدها للكتاب الورقي رفيق الطفولة والشباب وها انا اليوم اشجع عليه لكن لا خلل اذا ما قرأ الشباب الكتب الالكترونية لاسباب مادية او عدم توفر الكتاب ورقياً فالثقافة اهم من الوسيلة "

 

 

" اعتقد انها الكتب الالكترونية سوف تجعل من الكتاب شيء من التراث"

 

ويقول الشاعر إيهاب شغيدل حول ذلك " من الكتابة على الحجر و الطين مرورا للكتابة على الجلد في بعض الحضارات، وصولا الى الخشب، واقصد الورق، لقد كتب الانسان على كل شيء تقريبا، وعن كل شيء ايضا، لكنه بقي غير مطمأنا للنتيجة، ودائما يدفعه التفكير الى انتاج البدائل الاكثر سهولة وحيوي، ونتيجة طبيعية لتطوره في الالة، والعلم، لقد كتب اخيرا على السحب، اقصد في ذلك السحب الالكترونية، كتب بالالف، في شبكة كبيرة، الامر يبدو ابعد من الخيال قبل ١٠٠ مثلا، لكننا على اية حال وصلنا، نحن نكتب وننشر الان في هذا الفضاء"

ويطرح شغيدل سؤالاً مفاده :

وبالعودة الى المقارنة التي قد تبدو غير منطقية بعد عقدين، يسأل المرء، هل ال"bdf' قلل الاقبال على الورق؟،

هل بدأت علاقتنا تنحسر بالورق، وعاطفيا نقول: رائحة الورق، ملمس الورق ..الخ، ؟

‏وهذه اللحظة تشبه كما يبدو لي لحظة الانتقال من عصر الكتابة على الجلد مثلاً إلى الكتابة على الجريد او الورق، اعتقد انها الكتب الالكترونية سوف تجعل من الكتاب شيء من التراث، ومن الورق مجرد مرحلة، كما فعلت العجلات مع الحمار او غيره من الحيوانات عندما كانت وسائل نقل، ينبغي التواصل مع الحياة على اساس تقدمها لا على اساس نوعية التزامنا تجاه الاشياء، بالنهاية سوف ينحسر ما نعتبره مركزيا الان، سوف تحل البدائل دائما، وهي من تأخذ الحياة الى حياة ثانية تماما.

 

 

أختلف الأراء في التحكيم حول سلطة التكنولوجيا، على الورق، والأيام كفيلة بالتتويج، وكفيلة بالأقصاء ربما، وان كانت الأخيرة قاسية بعض الشي،ويبقى الرأي يدور في فلك القارئ وحده، وهو من يقرر في أي مضمار سيخوض،

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي