حيث الأمل قضبان

أسامة إسبر/ شاعر سوري

١-
الماء منكمشٌ على نفسه،
يسمحُ أحياناً بانعكاس جناح طائرٍ
يتخذ وضعية الصيد.
وعلى درب ترابي محاذ للمحيط
كان البشر يتنزهون،
أو يمارسون الجري،
ثم يرتعشُ الماء، 
يتغضّن كجلد،
يتخلله بياضٌ على مدى الزرقة،
بعد أن تستيقظ موجةٌ
ثم تتبدد على عتبة بداية النهار.
وبعد ذلك يسود صمتٌ
كأنه نابع من الماء
فأجفل، وأتحدث مع نفسي
أردد كلمات محاولاً 
أن أحفظها عن ظهر قلب،
كمن يؤلف سطوره 
ويخطها في الهواء
ثم يحاول أن يجمعها قبل أن تُمحى.

-٢-
لم أفرح كما يجب في العام الذي مضى،
كانت قواربه مثقوبة، 
غرق معظمها وهو يحاول العبور.
لم أعرف إن كنت قادراً على الفرح في هذا العام.
تصل إلى أذني موسيقى أصدافٍ محطمة
والألوان المبعثرة على لوحة الأفق
ضيعت خيوطها،
تتخبط خارج أي إيحاء
كأسماك عالقة في شبكة.
وفي مرور الضوء 
على الأحجار والحصى المبللة
حيث يعيش اللمعان في خطوط ذاته
متوهجاً كبشرة لم تُلمس
تظهر الأشنات والطحالب في قيعان الصخور
والفقمات المتمددة فوقها
تتشمس تحت شمس كانون الثاني 
وعلى وجهها ابتسامة تعيد رسم الفرح.
نادراً ما تعبس الفقمات
وجوهن تبعث الأمل
حيث يخيم ليل الماء في الضوء الذي يحاول
أن يبقى صديقاً
حيث لا شيء في مملكة المحيط
يحيا كي يروي الحكاية
بين أنقاضٍ وأكداس أعشاب ٍ
رماها موجٌ غاضب
سوى ذباب بحري يهجم 
ويعزف موسيقاه الخاصة حيث تعيش الروائح.

-٣-
لستُ من الذين ضيعوا الأمل،
وفتحوا لليأس بابهم.
أحاول أن أجمع كلمات الأشياء
التي تنمو كأعشاب
أو تتفتح كأزهار
حين تخرج العين من ذاكرتها
كما يخرج الضوء من نبعه
وتقرأ الصفحات المفتوحة ليوم مشرق،
متمنياً لو أن هذا العالم
غرباً وشرقاً
قادر أن يمنح نفسه 
على طرقات الأجساد اليائسة
حيث الأمل قضبانٌ من الحديد على نافذة زنزانة
والجناح الذي يحلّق في الأفق حادّ كسكين 
في الأعين التي لا ترى سوى الظلام
يعيد ترسيم الحدود
ويلوك الخرائط بين أسنانه.