loader
MaskImg

ديوان نخيل

يعنى بالنصوص الشعرية والادبية

في أقل من شهر بعد لقائي بتوأم روحي، أنهيت 14 عاماً من الزواج

breakLine


فصل من مذكرات


أماندا ترينفيلد


ترجمة المترجم العراقي علي عبد الأمير صالح


وكالة نخيل عراقي || خاصّ

 


​لم أكن أتوقع أنّ يقلب عشاءٌ رسمي مع جمهور مُبتهج لأحد المؤتمرات في بلدة (نهر مارغريت) الأسترالية الغربية الجميلة حياتي رأساً على عقب. كانت لي حياةٌ كريمة. لم أكن أتطلّع إلى أن أقلبها ــــ أم أنني كنتُ أتطلّع؟
​لم أُقرر إلا قبل أسبوع حضور الحدث الذي يستغرق ثلاثة أيام مع زوجي. لم يكن ذلك الحدث في خطة إجازة الأسرة وكان يتعين علينا أن نرتب مسألة العناية بالأطفال، إلا إنني رأيتُه فرصةً مثالية لنا كي نتواصل من جديد، بما أننا أصبحنا بعيدين بكلّ معنى الكلمة. آمنتُ أنّ الزمن الذي نقضيه بعيداً عن ضغط الحياة اليومية هو العلاج المثالي كي نُشعِل علاقتنا مجدداً.
​دخلنا غرفة الطعام الفخمة المكسوة بألواح خشب السنديان، واتخذنا مقعدينا إلى مائدة طويلة، مفروشة بأناقة. جلس زوجي إلى يساري وسرعان ما انخرط في حوار مع زوج وزوجة ممَن جاءا إلى هناك.
​لمّا استرحتُ في مقعدي، رفعتُ بصري وفي الحال انقطع نَفَسي. لما التقت نظراتنا كانت هنالك أُلفة فورية تجري أعمق من دردشة برّاد ماء. هذه العيون حُبست من قبل. قبل اثنا عشر عاماً. كان اسمه جاسون. لم أنسَ.
​في أثناء العشاء، كنتُ أنا نفسي النابضة بالحيوية والمولعة بالحديث المألوفة. كنتُ، على أية حال، في قسم للمبيعات. المجموعة دردشوا بسعادة، كلّنا استمتعنا بتذوّق أطعمة غرب أستراليا الشهية المطبوخة بعناية وزهو.
​حين قُدّم طبق العشاء الرئيس، أعطاني جاسون رشفة من نبيذه كي أتذوّق النبيذ القوي المُعَد من عنب شيراز المعتق. بعد قليلٍ من المزاح والملاطفة، قبلتُها.
​في أثناء تقدّم المساء، تطوّر انجذابي إلى جاسون. وفي الحال أصبحتُ واعية بكلّ نَفَس من أنفاسه وعكستُ خطواته بصورة لا واعية. انتبهتُ إلى نفسي، بحَرج، أنظر إلى صدره عبر قميصه، قميص المساء الأبيض الذي لم يكن منطبقاً بشكل جيد على مقياس جسمه. نعم، كان لديه جسم لائق، متناغم وجذاب، لكن هل أنّ صدره هو الذي انجذبتُ إليه؟

​حين قُدمّت الحلوى، أعطاني عينة من حلوى (البودنغ) بالشكولاته المتفسخة والراشحة. رفضتُ، إلا إنه غرفَ ملء ملعقة وافرة وأطعمني من الجهة الثانية للمائدة على أية حال. كشف عن مستوى من الألفة عادةً ما تُدّخر للأصدقاء المُقربين أو العشاق. لو كان هنالك أحدٌ ما يُراقبنا، فربما سيكون فضولياً في الأقل لمعرفة طبيعة علاقتنا.
​في الوقت الذي غادرت فيه المجموعة المطعم في ساعة متأخرة من المساء، حواسي كلّها كانت متيقظة بدرجة مفرَطة. كان جلياً بوفرة أنّ الطاقة بيني وبين جاسون قد شُحنت بشكل من الأشكال. فهمتُ بطريقة غريزية، أيضاً، أنّ هذه أكثر من مجرد رغبة جنسية، هي شيء أحسستُ به مرات عديدة من قبل، كما فهمتُ أنه أكثر من كونه ببساطة انجذاب جسدي، إلا إنني فقط لم يكن بمقدوري أن أضع إصبعي عليه. عند بار الفندق، اشترى لي جاسون كأساً من شرابي الأثير (روزي). كلّ واحد منا حدّق في عينيْ الآخر ــــ عيناه داكنتان وغامضتان، وعيناي كبيرتان وبنيتان ــــ وقرعنا كأسينا. التيار الكهربائي بيننا كان قوياً ونيئاً. سافر إلى لُبي. كان عميقاً للغاية بحيث كانت بي حاجة لأن أكف عن النظر في عينيه. هو. نحن. الطاقة. إنها طاقة كهربائية. جسدي مشحون كلياً. كنتُ "قيد العمل" بكل معنى الكلمة.
​كان يتعين عليّ أن أُكافح بتصميم الانجذاب المستمر إلى جانبه الذي شعرتُ به. لمّا تحرّك كلّ واحد منا حول الآخر في أثناء المساء في حوارات متنوّعة، أيضاً، كل واحد منا كان واعياً على الدوام بموضع الآخر. لما تبادلنا النظرات في عينيْ أحدنا الآخر عبر الغرفة، تعاظمت قوة نظراتنا، وأصبحت أقوى حين تقدّم المساء. أبقينا تحديقنا مدةً أطول. تعمّقت صلتنا.
​أحببتُ التحدّث معه. أحسستُ بالدفء، والاسترخاء في أثناء حضوره. أحسستُ أنّ بمقدوري فعلاً أن أكون أنا نفسي، في مستوى لم يسبق لي أن تعوّدت عليه. أدركتُ أنه إحساسٌ لم أستمتع به منذ زمن طويل، طويل جداً ـــــ ربما لم أستمتع به أبداً. يقيناً، كنا نضحك ونمزح مثل صديقين قديمين غير أنّ الصلة المتعمقة عبر عيوننا لا يُمكن إنكارها.
​كان سلوكي في ذلك المساء غير مُميّز. مكثتُ نوعاً ما مدةً أطول مما تعوّدت أن أفعل؛ أنا من الطراز الذي يؤوي إلى الفراش مبكراً ويستيقظ مبكراً. إلا إنّ هذا ليس مساءً اعتيادياً. لستُ مستعجلة كي أضيّع صلتنا. في حقيقة الأمر، أردتُ أن يتوقف الزمن. أردتُ أن أبقى تحت تأثير الطاقة، طاقتنا، إلى الأبد.
​دعا البار إلى جرعات الشراب الأخيرة، والمساء (الآن الصباح الباكر) بلغ نهايته. كان الوداع علنياً، صريحا وكاشفاً عاطفتنا المشتركة. تنعمنا بعناق حميم حيث همستُ في أذنه قائلة، "هذا اللقاء لم ينتهِ بعدُ، أُريد أن أقابلك من جديد". وضع يديه بإحكام حول خصري وقرّبني إليه. "نعم"، رد عليّ. هذا هو كلّ ما أبتغيتُ أن أسمعه.
​ولمّا رقصتُ عائدةً إلى حجرتي وأنا أشعر بأني سريعة التأثر إلا إني أيضاً سليمة بنحو غير متوّقع. لم يكن بوسعي أن أمسح البسمة من على وجهي. لم يسبق لي أن أحسستُ بشيءٍ كهذا من قبل. لم يسبق لي أن اختبرتُ الشعور. لم أفهم الطاقة. إنها تجربة خارج الجسد أو ربما تجربة "داخل الجسد".
​أعرف الآن من دون تردد، من دون ريب، من دون أيّ شك في بالي، جسدي أو قلبي، أنّ الطاقة التي اختبرناها في ذلك المساء هي اتصال روحينا، روحي وروحه. غادرتُ (نهر مارغريت) وأنا امرأة مختلفة.
​عرفتُ في فؤادي، في روحي، على وجه الدقة في نسيج كياني أني تغيّرتُ تغيراً عميقاً. لم يكن باستطاعتي أن أُبيّن المشاعر، الأحاسيس، التجربة. الارتباط الذي اختبرته مع جاسون في مستوى يتعذر وصفه. كلّ ما عرفتُه بشكل مؤكد هو أنّ هذا اللقاء غير المتوقع، في مكان بعيد الاحتمال إلى حدّ كبير، في ظلّ ظروف استثنائية للغاية، غيّر حياتي بنحو درامي.
​كانت الأيام القليلة التالية ضبابية تماماً. لم يكن بمقدوري أن أفهم مشاعري. لم يكن بمستطاعي أن أهرب من الأفكار القاسية المتعلّقة بجاسون. يقيناً لم يكن بوسعي أن أفهم جيداً كيف يُمكنني أن أستأنف حياتي الطبيعية: وظيفة بدوام كامل في الخدمات المالية، الاعتناء بطفلين، الأعمال الروتينية المنزلية، الانشغالات الاجتماعية، وكوني زوجة. إنّ الشيء الذي أفهمه فعلاً هو أنّ الحياة الناجحة، المريحة والمتوّقعة نوعاً ما التي أمضيتُ عشرين عاماً وأنا أبنيها باتت الآن عديمة الأهمية. ببساطة لم أكترث.
​قابلتُ توأم روحي ليس إلا. ماذا يُحتمل أن يحصل شيءٌ أهم من ذلك؟
​في أقل من شهر بعد لقائي بجاسون، ولم أكن قد اتصلتُ به منذ موعدنا في (نهر مارغريت)، أنهيتُ علاقتي التي أمدها 14 عاماً مع زوجي.
​المرأة التي كانت المتأنية إلى حدّ كبير، المُخطِّطة إلى حدّ كبير، المُنظمَة إلى حد كبير وواضحة إلى حدّ كبير فيما يتصل بالطريق الذي تتخذه حياتها، اتخذت أكثر القرارات إثارةً في حياتها، وهو قرار يؤثر على أولئك الأشخاص الأعز على قلبها ــــ أفراد أسرتها. المُخطِّطة إلى حدّ كبير، المُنظمَة إلى حد كبير وواضحة إلى حدّ كبير فيما يتصل بالطريق الذي تتخذه حياتها، اتخذت أكثر القرارات إثارةً في حياتها، وهو قرار يؤثر على أولئك الأشخاص الأعز على قلبها ــــ أفراد أسرتها.

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي