loader
MaskImg

ديوان نخيل

يعنى بالنصوص الشعرية والادبية

مُحيي الدينِ

breakLine


مهدي النهيري / شاعر عراقي

 

في ذكرى الصديق الراحل الشاعر محيي الدين الجابري رحمه الله..
__
تَذَكُّرُكَ الورْديُّ والعطرُ يشرحُ
أخفُّ على راثيكَ.. لو كنتَ تسمحُ

ولستُ لأنَّ الروحَ تبتلُّ كلَّما
ذكرتُكَ.. ها إنِّي أضِحُّ وأنضَحُ

ولستُ لأنَّ الوردَ في كلِّ كِلْمَةٍ
تَفَتَّحَ كالقبرِ الذي يتفتَّحُ

تحشَّدْتُهُ فوقَ القصيدةِ.. إنَّما
فتىً في سياقِ الوردِ يُذكَرُ.. أوضحُ

أحدِّثُ عن شيءٍ من الموجِ هادرٍ
على الورق العطشانِ ما زالَ يرشحُ

فإنْ قلتُ (مُحيي الدينِ) لاحتْ سفينةٌ
وراحتْ أكفُّ الراحلينَ تلوِّحُ

وعن رَجُلٍ شطرينِ شطرٌ معمَّمٌ
بكلِّ جلالِ الأقدمينَ موشَّحُ

وشطرٌ على حَسْبِ المجازِ فتارةً
هوَ الكشفُ إلا أنَّهُ ليسَ يُلمَحُ

وأخرى هوَ السرُّ المهَدَّدُ.. يمَّحي
ويُكتَبُ.. يُفضَى للضميرِ ويُفضَحُ

فإنْ جَمَحَتْهُ هُولةُ الشعرِ هالَها
وإنْ جنحتْ للصمتِ نفْسٌ سيجنَحُ

كأنَّكَ إذ أتلو.. أماميَ جالسٌ
ووجهُكَ للمعنى وللفظِ يَصلُحُ

تَخَطَّفَكَ القولُ الفصيحُ.. سريرةً
وهزَّكَ مثلَ الرمحِ ما هوَ أفصحُ

وحطَّمَكَ الناعي فيا لكَ جرَّةً
جرتْ وعليها خمرةُ الوجدِ تُسفَحُ

وأبهجَكَ المقتولُ في كلِماتِهِ
فتضحكُ.. حتى شُكَّ هل أنتَ تمزحُ

أمِ انَّكَ من فرطِ انشداهِكَ بالندى
المقطَّرِ.. لبَّاكَ النقيُّ المنقَّحُ

وإنَّكَ حُسْنُ الظنِّ بيتُكَ عادةً
وشأنُكَ - إلا الشعرَ - تعفو وتصفحُ

سألتُكَ كيفَ القبرُ أرخى قميصَهُ
لتخرُجَ، ذاكَ الرملُ لا يتزحزحُ

وكيفَ ملأتَ الحَفْلَ، لستَ قُبالتي
لأنَّكَ حولي قَدْرَ ما أنتَ.. مسرحُ

وبحرُكَ غالى في المِنَصَّةِ زُرْقَةً
فها أنا لا أتلو القصيدةَ.. أسبحُ

كأنّكَ قد حرّضتَ (تفاحةَ الندى)
ونارَكَ.. والآهُ الشهيةُ تقدحُ

وشجَّرْتَها بيتًا من السُّكْرِ والشجا
وظلَّلْتَ أحبابًا بها فترنَّحوا

أراكَ.. ولا أنوي احتسابَكَ بِدْعةً
وإنْ قيلَ باتَ الشاعرُ الفذُّ يشطحُ

وأشهدُ من عينيكَ فائضتَيْهِما
كأنَّ حسينًا بينَ عينيكَ يُذبحُ

وأُدنيكَ من وَقْعِ البلاغةِ.. هل ترى
المصاريعَ ما بيني وبينَكَ تُفتَحُ

وهل تدَّعي لي غيرَ شعريَ ظِلَّةً
فلي هاجسٌ من دونِهِا ليسَ يُكبَحُ

وما أنا إذ أُغريكَ.. أغرِبُ، هذهِ
التباريحُ يوميَّاتُ ليلِكَ تَسرَحُ

فكم كنتَ تعلو حينَ تتلوكَ بينَنا
وكم كنتَ تُمسِي في الكلامِ وتُصبِحُ

وكم كنتَ تحلو لو غزالةُ شاعرٍ
جِوارَكَ ما بينَ المقاعدِ تَسنحُ

وكم كنتَ تنمو خُرزةً بعدَ خُرزةٍ
وتخفى.. وكالغيثِ المفاجِئِ تصرَحُ

يمينُكَ في التسبيحِ تُمرِعُ.. بينَما
يسارُكَ في خدٍّ من الشيبِ تمرحُ

وروحُكَ بينِ اثنينِ بينَ جنونِها
وجنَّتِها ناقوسُكَ المتأرجِحُ

وصمتُكَ قد أرساكَ كلَّكَ في فمٍ
هوَ الغضَبُ الحيرانُ أيَّانَ يفدحُ

ففي شفةٍ مَسٌّ من الجِنِّ شاعرٌ
وفي الشفةِ الأخرى الملاكُ المسبِّحُ

تَسَمَّعُ مِ الأيامِ ما جادَ صوتُهُ
وما جارَ.. كلٌّ وَفْقَ فحواهُ يصدحُ

وتحدِسُ مَن مسَّ القوافي فصاغَها
خوافيَ ترمي أو قوادمَ ترمحُ

وتحدسُ أيضًا من تلجلجَ لاهثًا 
وظلَّ رهينَ البوحِ صديانَ يرزحُ

هجينًا فلا يقوى وعِيًّا فلا يرى
تراهُ إذا شاءَ التجمَّلَ يقبُحُ

وإنْ هوَ ندَّى نفسَهُ جفَّ.. أو شدا
أسَفَّ.. أو استوحى الهوى راح ينبحُ

وكنتَ ترى أيضًا لداتِكَ حُوَّمًا
مُغنِّينَ.. مَن يطوى ومن يتطوَّحُ

ولستَ بدارٍ أروعَ القومِ منطقًا
فأيٌّ بهمْ قيسٌ وأيٌّ مُلوَّحُ

إذا نجفيٌّ أرهقتْهُ قصيدةٌ
فقلْ ذاكَ نَسْرٌ مُوثَقٌ ومُجنَّحُ

تواضَعَهُ كلَّ الحبالِ تصبُّرٌ
وطارَ بهِ كلَّ الجَناحينِ مطمحُ

رثائيكَ يا ما زلتَ في النفسِ شاخصًا
سيُحرجُني لو جئتُ شعري أصَحِّحُ

ويضطرُّني تعديلَ بيتٍ كتبتُهُ
فها أنا لا أرثي وها أنتَ تُمدَحُ

وآلَمُ أبياتِ الرثاءِ تفجُّعي
أخًا لم يزلْ حيًّا أبوهُ المجرَّحُ
**
ولم يزلِ الدمعُ المراقُ على ابنِهِ
مراقًا علينا كلِّنا.. وهْوَ يمسحُ..

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي