نصوص

منى الماجري/ شاعرة تونسية

كل صباح ،مع الخطو الأول 
أكون على نصف وعي تقريبا 
على نصف غفوة ربما 
أمشي فتمشي الأشياء نحوي 
أعرفها كلها تقريبا 
بت أجهلها كلها ربما 
أنقل خطوي 
فيمشي جسدي الرشيق نحوي 
ويلوح لي بمقاس ثماني والثلاثين 
مثل خياطة بارعة يحيط المتر بخصري 
ويعاتبني في دهشة 
ويقطر  السؤال من عينه معاتبا ،،ألا تذكرين؟،،
أدير رأسي  كأن مابالحلم بي 
يمينا وشمالا 
فيتدلى شعري الأسود 
مترا هو الآخر 
ذاك الذي كنت تشدني من ضفيرته 
تنثر غدائره علي 
تبشر بأنني حبيبتك 
قبل أن أعاقبه وأعقصه فوق رأسي من جديد 
عندما أنزل السلم أراه مرقما بعدد السنوات التي تدرجت فيها هبوطا 
مشيتها رجوعا 
وأنا أهمل عنقي لا أنتبه لجماله 
ألف عليه الشال فوق الشال 
أخفي شامته 
حتى أبرم العهد مع الانثناءات 
غير أنهن يرددن في السر 
لا يتورعن عن القول جهرا 
كيف تفعلين ليبقى الوجه مشرقا 
رغم كل هذه الحرب التي تشنها الأيام على الغمازات 
عندما أفتح باب المكتب 
تعترضني أوراقي 
يإتيني صوت الأستاذ من خشخشتها 
يقول متى تعقدين العزم 
وتجلسين إلى هذه المسألة 
نحن في الجامعة ننتظر قدومكن أيتها الذكيات 
في ذلك العام عندما عدت طالبة 
أقتطع من عمري عمرا 
وأطوي إلى حضن الأم أعواما 
قبل أن أصل على حين ساعة من الوقت 
أقف على بابها ،أجلو الصدر 
أترك كل أوجاعي على بابها 
وأطلع الدرج 
أسرع الخطو لا أبالي 
فدرسنا غالبا مايعطى في الطابق الرابع 
أنسى مواجعي وأجري 
يندهش جمهور الطلبة 
وتلوي أعناقهن نحوي هؤلاء الطالبات 
أحيانا يسألنني بحيرة 
بحب أو بغيرة 
ماذا تفعلين هنا 
وأقول يحكى أن أمي حبلت بي مرة ثانية 
حبلت بي في صدغها 
حبلت بي وراء أذنها 
قسمتني على مرحلتين 
ثم ولدتني 
لا أدري من أين خرجت تحديدا 
غير أني وجدتني أطوي نحوكن المسافات 
ونضحك 
وينظرن الي مقتا عندما أنجح ويرسبن 
وأقول لهن العمر لكن 
لا وراء لكن 
نحن أتينا تسندنا الخيبات 
وتخشخش أوراقي دامعة 
ذاك الأستاذ الذي كنا نجالسه في المشرب 
ذاك الذي رحب بعودتنا 
وردد ما أحوج الجامعة لكم 
عودوا بالله عليكم 
لا تتركوها 
ذاك الحرف النير 
ذهب ولن يعود 
ربما قتلناه لأننا تخلينا عن بقية الحلم 
لا هو ارتوى منا ولا رأفنا به عندما أخرجناه من الأدراج وعرضناه لشموس البدايات 
تمشي نحوي نصوص لم أكتبها بعد 
أو كتبت بعضها 
تنظر الي شزرا 
أخجل منها 
فأنا أقتلها 
ولا أحد يحاكمني 
أشعاري تقول لي بللي ماءك بالحب 
كفي عن حديث الحنين 
كفي عن توثيق الخيبات 
أدير زر المذياع 
هل هو كذلك ؟ 
هل أنا أحيا ؟ 
لم يعد في بيتنا مذياع 
أضغط على مربع ،،يوتيوب،،
لأمر ما تقترح على أغنية ذلك 
الوسيم ،،وائل جسار ،،
يا الله لا يزال ركن في العالم يوثق 
للرومنسية والحب 
لا يعيب علينا ذلك 
ولا يقول هرمنا 
ويصدح الصوت بعد مهلة الإشهار 
،،بعد ماارتاحت روحي فيك 
وعرفت طعم الدنيا بيك 
مشيت خلاص وماقلتليش 
أنا قلبي كنت اخاف عليه 
معرفش ازاي جرالو ايه 
حبيت خلاص ومحسبتهاش 
كان حلم دا ولا خيال 
لا ارتحت ولا يرتحلي باال ،،
يااا يالهذا العمر يواجه العمر 
بكل الدفاتر 
أشياؤه كلها تمشي نحوي 
تعلن علي الاحتجاج 
وكل يوم يعترضني اسمي 
في قصائد المحبين 
ولا أصدقهم لأن اسمي 
من مشتقات العربية 
وما كان مشتقا 
فهو متاح للجميع 
هنا يكمن ثراء صرفنا 
ونحونا ،يكمن في كل امكانات التشقيق 
ونولد كل يوم في صحائف أخرى 
وعلى ألواح مكتوبة 
ربما من يدري في مكان ما 
نكتب قد نكون كتبنا على أوراق البردي 
تمشي أشيائي نحوي 
في ذلك العام قال لي رجل قبل أن يصبح 
عاقلا جدا ،،ما أجمل الابتسامة ،،
علبت كلامه القليل كله عن الحب 
وسجلته باسمي في دفتر خانة 
كأنني كنت أعلم 
بأن الاحتلال قادم لا محالة 
وإن مانملكه ليس دوما على أمان 
اليوم تمشي ابتسامتي خلفي 
تربت على كتفي وتقول لي 
لا تكذبي 
إني أذكركما معا 
أنت وأنا 
في تلك الدرب 
فلا تخلي بالعهود ولا تهربي 
وأشفق عليها 
وإنما كل ما بالإشفاق 
إنما هو بي 
الأقران في قاعة الأساتذة 
يتركون رسائل 
كل صباح أفتحها 
يقولون لماذا ذهبت 
وخلفت لنا صوتك الجهوري 
اتذكرين وقفاتنا 
اتذكرين احتجاجنا 
اتذكرين لما كان الزمان وحشا 
وكنت وكنا لا نرعوي 
وأقول عندما ولد الوحش قردا 
انزويت وحانت خاتمة الرواية 
أنزل من الفراش فتتحرش أشيائي بي 
تتوجه أيامي نحوي 
تجتمع في وقفة احتجاجية 
على ماضاع 
على مابقي 
على مالم يبق 
على ما لم ينجز ..
أنتبه إلى انتهاء الأغنية الرومنسية 
وأنا تحت وطإة الاحتجاج 
يقترح علي ،،يوتيوب،، أغنية 
للغجرية ابنة الريح 
أضغط على الصورة 
ويصدح الصوت 
،،هيمتني 
تيمتني 
عن سواها 
أشغلتني ،،
وأقرر الاستماع 
من سواها ؟ 
من سواي ؟ 
أشغلتني