مقالات ادبية واجتماعية وفنية
قطب الدين | مخرج عراقي
إن المنجز المرئي " الفيلم السينمائي " يعتمد وبصورة كبيرة على الشخصية أو الممثل ، إذ تعد الشخصية العنصر الجوهري لبنية العمل السينمائي " الفيلم " . وقد ينهض الفيلم على شخصية واحدة أو عدة شخصيات ، وإن تعدد الشخصيات بأنواعها يعطي للفيلم قيمته الخاصة ، ومن هنا لا بد من معرفة مصطلح الشخصية إذ تعرف في قاموس أكسفورد ( character ) على إنها " شخصية ، طبع ، صفة مميزة " ([1]) . ويرتبط هذا المفهوم بالوصف الظاهري للشخصية ، اما سيد فيلد فيعرف الشخصية بعد أن طرح عدة تساؤلات " إنها مركز النظام العصبي لقصتك وروحها " ([2]) . وتكاد تكون هذه المفاهيم غير واضحة بشكل دقيق ، فالشخصية ومن وجهة نظر احمد كمال مرسي : هي ما دبت به الحياة، بعد سكون وثبات . ويمكن القول بأن الشخصية هي : الصفة والشكل للهيئة المُجسدة.
وبشكل واضح بما إن الشخصية هي المركز فلا بد من أن يرتبط بها عناصر متحركة أو نعتمد عليها في تحريك العناصر داخل فضاء الصورة الفيلمية . يرى سيد فليد إن بناء الشخصية يتطلب مرحلتين " الأولى هي الشخصية الداخلية أو بناء الشخصية الداخلي ، والثانية هي الخارجي ويقول إن البناء الداخلي للشخصية يبدأ منذُ خلق الشخصية الولادة وتنتهي ببداية فيلمك ، والخارجية تبدأ منذُ اللحظة التي يبدأ بها فيلمك وتنتهي بالخاتمة " ([3])
وبالحديث عن الخلق وبناء الشخصية فإن الشخصيات في العمل الفني ( الفيلم السينمائي ) تختلف تماماً عن الشخصيات الإنسانية " ويمكن القول إن الشخصية الإنسانية لا تتساوى عند جميع الأفراد بل انها تختلف من حيث الفعل وحتى الشكل ومن شخص إلى آخر"([4])
وهذا ما يمنح الفيلم السينمائي خصوصية إذ ان الشخصية في المنجز المرئي " الفيلم السينمائي " تمتلك الصفات البشرية نفسها وتشترك بالصفات الظاهرية والاحاسيس . لكنها متباينة في المواهب من شخص إلى اخر . وتشكل الشخصية للمتلقي مركز اهتمام وجذب إذا ما تشابهت مع الظروف والشروط المتوافرة في المتلقي " إن المتلقي سيكون فريسة سهلة للانصياع وراء ما تتصرف تلك الشخصية ، التي تظهر على الشاشة " ([5])
لقد استطاعت السينما من خلق شخصيات ذات تأثير مباشر وطويل في المتلقي حيث استطاعت الاعمال الدرامية من تثبيت وترسيخ تلك الشخصيات في الذاكرة ، وبالحديث عن العمل الدرامي فلا بد من تحديد سمات وابعاد للشخصية الدرامية وهناك ثلاثة ابعاد للشخصية وهي " البعد الجسماني ، البعد الاجتماعي ، البعد النفسي "([6]) وبتحديد السمات والشكل العامة للشخصية يتضح لنا افعالها " أن الأفعال التي تقوم بها الشخصية هو ما يعكس جوهرها و إن السلوك التي تقوم به يعبر عما يختلج بداخلها" ([7]) وفقاً لما قد تم خلقه وبنائه ، إذ يمكن تحديد أفعال تلك الشخصيات وفق علاقتها مع شخصيات أخرى ويعتمد رسم الشخصيات على ردود افعالها وصراعها وحوارها في حين لا تحتاج الشخصيات الجلية التي تصارع نفسها إلى توضيح بوجود شخصيات أخرى للمساعدة .
وإن تفاعل الشخصيات وفق النص بالفعل ورد الفعل ينشب الصراع بين الشخصيات نتيجة السلوك وهذا ما يصبو إليه العمل " ترتبط الشخصية الدرامية بالصراع وتتطور معه في آن واحد ولكي ينفجر الصراع لابد من شخصيات"([8]) وإن السلوك الذي يقود الشخصية إلى صراع مع نفسها او مع الشخصيات هو الانعكاس الذي تخفيه تلك الشخصية من دوافع ورغبات وهذا ما يميزها عن غيرها ، فينشأ ذلك الصراع نتيجة الاختلاف الفكري والاهداف والدوافع التي تكتشفها الشخصيات من خلال السلوك " إن الشخصية هي التي تحرك الحدث فلابد أن يكون هناك دوافع للشخصية الدرامية لهذا السلوك أو ذاك"([9]) فلا يمكن أن يتولد صراعاً دون وجود عاملٍ مسبب له سواءً كان الصراع داخلي أو خارجي ويحدد سيد فليد وفق هذا الطرح ثلاث تفاعلات للشخصية[10] : -
تعد الشخصية الوسيط الأكثر نقلاً للأفكار لذلك تتطلب بناءً حقيقياً ودقيقاً ورسماً واضحاً لها يبنى على ما تم تقديمه انفاً من ابعاد وسلوك وافعال وحركات مدروسة ضن الوعي أو خارجه إن كانت مقصودة " الناس اثناء ادائهم لأي فعل يأتون بتعبيرات وإيماءات وحركات غير واعية وردود فعل جسمانية تعبر عن خواص شخصيتهم"([11]) وفي ضوء ما تقدم هو توضيح وإيجاز للشخصية الواقعية ضمن الفيلم الروائي
[1] جون سيمبسون ، قاموس أكسفورد ، جامعة أكسفورد لسنة 1989 ، صفحة 207
[2] سيد فليد ، السيناريو ، تر: سامي محمد ، العراق – بغداد ، دار المأمون للترجمة والنشر ، لسنة 1989 ، ص 37
[3] ينظر ، المصدر نفسه ، ص 38
[4] معتز محمد علي ، السمات الغرائبية للشخصية الدرامية في أفلام الفنتازيا ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد كلية الفنون الجميلة ، لسنة 2012 ، ص36
[5] عبد الباسط سلمان ، السيناريو والنص ، جامعة بغداد ، الدار الجامعية للطباعة والنشر ، الطبعة الثانية ، لسنة 2013 ، ص 207
[6] ينظر: سيد محمد غنيم، سايكولوجية الشخصية محدداتها، قياسها، القاهرة، دار النهضة العربية، 1978، ص100.
[7] وليد عبد الملك شاكر العبيدي ، المعالجة الاخراجية للموضوعة الدينية في المسلسل التلفزيوني ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد كلية الفنون الجميلة ، لسنة 2006 ، ص 54
[8]سنيشينا يانوثا، نظرية الدراما، تر: نور الدين فارس، بغداد - دار الشؤون الثقافية العامة، لسنة 2009، ص 87.
[9]علي أبو شادي، سحر السينما، القاهرة ،الهيئة المصرية العامة للكتاب ، لسنة 2006، ص 44.
[10] سيد فليد، السيناريو ، مصدر سابق ، ص 40
[11] مارتن اسلن، تشريح الدراما ، تر: يوسف عبد المسيح ثروت، ط4، بغداد- منشورات مكتبة النهضة، لسنة 1984، ص 44.
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي