loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

أسلوب البناء الفني في ديوان: "فليكن" للشاعرة إيمان عبد الهادي

breakLine

حنان فتح الله عثامنة || كاتبة فلسطينية


أشار "جيرار جينيت" إلى أن العنوان نصا موازيا أو عتبة لدخول عالم النصّ، وصفه "محمود عبد الوهّاب" نقلا عن "دريدا": بثريّا النص، وأنا أميل لهذه التسمية في إطلاق هذا المصطلح، فالعنوان الأنجح برأيي، يؤدي وظيفة الإضاءة والجذب، تماما كما تحدثه إنارة المصباح في عالم الفراشات...تنير لها الطريق وتشدّها نحوها. وفي عنوان هذا الديوان " فليكن" حضور لغوي اجتماعيّ يعني التسليم بما حدث، لكنه ليس تسليما في ثوب خضوع، وإنما تسليم يتسلّح بالتحدي والمواجهة. كما يعني في قراءة أخرى، أن هناك استنفاد كامل لمنع حدوث ما يمكن أن يحدث، وأن هناك مخاطر ونتائج غير مرجوة ترتبت وفقا لأسباب كانت، والقرار بشأنها هو القبول بها.
فالفاء كما وردت "فليكن"، خدمت معنى وجود سابق ولاحق، سبب ونتيجة، أوعطف على ما كان. أما اللام حرف الجزم، فهو يحمل معنى الأمر، ومن هنا تكون إضاءة الطريق للمتلقي"سيكولوجيا"، بحيث تخاطب الشاعرة ذاتها والآخر معا، قناعة منها وأمرا نافذا؛ بأن ما حدث لا يمكننا أن نبقى مقيمين في دائرة حدوده، فقد وقع لا محالة، وأن ما يمكننا أن نؤثر به: هو دائرة استجابتنا للواقع الذي يمكنه أن يقرر ما سيحدث مستقبلا، ولذا فمن الممكن أن يكون القصد بأن ما يقوله النص هو الذي ينبغي أن يتحقق أيضا، ومن الجائز أن العنوان "فليكن" هو جواب لسؤال موّجه للشاعرة، نصّه: هل ستواجهين بنفسك جميع تلك المآزق؟ .
وفي هذا الاختيار الموفّق للعنوان قوّة، ففيه قرار جازم قاطع يدلّ على فلسفة خاصة، صاغتها الشاعرة في إطلاق لفظيّ واحد، انسجم فيه حرف العطف والجزم مع الفعل المضارع الذي يحتاج كونه ناقصا لدمج المعنى المقصود للشاعرة مع المعنى المرتقب لفهم المتلقي، وبذلك تتحقق وحدة الشكل والمعنى منذ البداية. كما أن عنصريّ الجذب والتشويق يتحققان عند المتلقي في لفظة العنوان "فليكن" من خلال إِحداثه تساؤلا أساسيا لدى المتلقّي: ما هو ذلك الأمر الذي علينا أن نسلّم به؟ وكيف سيكون وجه ذاك التحدّي والقبول؟ أي كيف ستبرر الشاعرة أسباب تسليمها للواقع؟.  
  تضمّنت المجموعة عشرين قصيدة مقسّمة إلى مقدمة مكونة من قصيدتين وأربعة أقسام، تضمن كل قسم عنوانا لمجموعة من القصائد، يرتبط موضوع كل قصيدة بعتبة نصّية تسبق نصَّها ضمن فقرة تحمل عنوانا أو من غير عنوان. تنوّعت عناوين القصائد في ديوانها ووسمتها بعناوين أربعة كانت: في شهوة الإهداء، ما يضاء بها، في وضح الكينونة، يخيّل في عتمتي. وقد قمت باختيار قصيدة: "الحديقة فستانها" وهي من القسم الثاني الذي حمل عنوان: ما يضاء به، والعتبة كانت:
جسدٌ يخاتل ظلّه
قد ملّه
ويسير دون كثافة الأشياء فيه؛ تخفّفا
متلهّفا!
ولأن العنوان ليس بنية نهائية، إنما هو بنية صغرى لا تعمل باستقلال تام عن البنية الكبرى التي تحتها، وهو بهذه الكينونة بنية افتقار يغتني بما يتصل به من قصة ورواية وقصيدة، ويؤلف معها وحدة على المستوى الدلالي، وبسبب من وظيفته التأويلية يقول إيكو: " فإن أحدا لن يستطيع الإفلات من إيحاءاته التي يولّدها، ولن يُفهم العنوان منقطعا عن نصه، ولا تدرك إشاراته إلا عبر العلاقة بينهما. وفي العنوان: "ما يضاء به"، رابط مع العتبة ضمن سياق مشهد تصويريّ يتمثل في وجود شيء يساعد على كشف وإنارة الطريق، وربما يكون هذا الشيء هو ذلك الجسد الذي يمشي بخفّة بعد أن نجح في خداع ظلّه الذي يبدو متطفلا عليه، تعتليه اللهفة بعد أن حصد حريّته، ومع عنوان قصيدتنا: "الحديقة فستانها"، تجتمع ضمن سياق الحقل الدلاليّ ما بين العتبة والعنوان مفردات ضمن عالم يختص في رموز ماديّة ترتبط في عالم المرأة: جسد، فستان.
قبل قراءة القصيدة نلتفت إلى البناء الفنيّ الذي لجأت إليه الشاعرة، في تقسيم وترتيب شكل القصيدة، في محاولة تمهيدية للربط بين الشكل والمضمون. نجد ذلك التقسيم: تصدير، متن، هامش، قفلة، وهي مفردات تجتمع في ترتيب صياغة موضوع ما أو قصيدة ما. ومع عنوان: " الحديقة فستانها" يتأكد لنا أن في الجملة الإسمية، وفي الخبر المتقدّم من الجملة أن هناك تمثيلا لمكان وقوع الأحداث الذي ينبغي أن نلتفت نحوه أولا وهو "الحديقة"، أما المبتدأ فقد اتصل به ضمير غائب في لفظة "فستانها"، ولما كان "إخفاء الشيء أفضل طرق الإشارة إليه" (بورخس)، تحصّلت لدى المتلقي معرفة مبدئية أن تلك الغائبة هي أنثى... ترتدي فستانا وُصف بالحديقة وشبّه بها، والتي عادة ما تمتلئ بالزهور والألوان المتعددة والمتنوّعة، ومن المفترض أن تكون جميلة خضراء.
فيما يلي نص القصيدة:
تصدير:
الحديقة؟
أبدأ من نصفِ هذا الشريط
لأني إذا سرت فيها إلى آخري
سوف أترك دمعي على وردها عالقا
كالندى يتذكّر غيمتَه
متن:
الحديقة فستانها
لست أدري... دخلت أنا وخرجت أنا

وهي حبلى بأزهارها
لقّحت عودَ شمسٍ
وباءت بماء الندى في الخدود
كأن دموع المحبّين عالقةٌ منذ أكثرِ من (غُربتينِ)
على وجنة المنحنى

دخلتُ ولكنني ما خرجت
ولم يكُ بابٌ
فقد أُصمِتَ الوقت فينا
وصرنا خلودَ الزيارة
في ذاتنا الواحديّة ما مسَّنا
دخلتُ ولكن رفّ الورود تثاءب
نام كثير من العشب عند
أصابع أشجارها
واستحال
وأيقَظَنا؛ ثم حنّطنا الأخضرُ الحلميُّ
تماما كقافيَتين من الاحتضار ولم يشفِنا.

هامش
الصعود يَفرُّ إلى نبتة متسلّقة في الصلاة
فضاء متاحا
دخلت
تُعلِّقُ خيط المناجاة في قطن غيمة قلبي
وحين نزعتُ الكلاليبَ
بللني الانتظار بغير شتاء؛
على رِسلِهِ قانطا-ذلك الانتظار-
على رِسلِه
وعلى رِسلِه مؤمنا

قفلة
(حين يهمي البكاءُ عليكْ
تأوّلْ عيونَكَ فيما لديكْ
تأوّل يديْكْ)
وأنت تمرّ بِمنديلِكَ الحجريِّ
وتمسحُ عُجمةَ بعض الغيوم
وتمحو الذي قد تلوّن من سور هذي الحديقةِ،
تنجز بعض الظلام
فيأوي لأخضرِهِ : سوسنا...

أبدأ هنا قراءتي من خلال اقتباس كل جزء من أقسام القصيدة حسب الترتيب الذي وضعته الشاعرة:
تصدير:
الحديقة؟
أبدأ من نصفِ هذا الشريط
لأني إذا سرت فيها إلى آخري
سوف أترك دمعي على وردها عالقا
كالندى يتذكّر غيمتَه
تضع الشاعرة عنوانا وتقسيما أو قالبا يحدد وظيفة النص الآتي وهو: تصدير، وكأن ما يليه هو فاتحة الحديث ومقدمته، ثم تبدأ الشاعرة في إطلاقها لفظ "الحديقة" في صيغة سؤال، ومن حيث يكون السؤال تبدأ رحلة البحث عن خيارات وإجابات، وتتبدى صور المفارقة، هل ورد هذا الأسم لتصوير مكان ما؟ أو كناية عن مكان غير محدد تجمعه والحديقة صفات وسمات أخرى مشتركة؟ هل جاء هذا التساؤل في صورة استهجان إيجابيّ يشيد بالفرح والإعجاب من رؤية الحديقة المقصودة؟ أم هو إنكار في ثوب سخرية؟. ثم تحدد الشاعرة نقطة بدايتها وتختار طريق الوسط للشريط، والسؤال هنا هل قصدت الشاعرة شريطا فعليا من مكوّنات مشهد الحديقة؟ أم هو شريط نسجها للكلمات في شاعريتها التي تحتوى اختياراتها اللغوية ورؤآها الفلسفية المتجليّة في تكثيف الدلالة وفتح أبواب تعدد المعنى؟ وتبرر لماذا تريد أن تبدأ من نصف الشريط قائلة: أنها لا تريد أن تسير أي أن تسرد لنا حتى نهاية الطريق وآخره ذلك أنها لو فعلت ذلك؛ ستذرف دموعا تعلق على ورد تلك الحديقة، وشبّهت تلك الدموع بالندى الذي يتذكر غيمته، ولما كان الندى قطرات خفيفة من الماء تتكون بفعل اختلاف درجات الحرارة وليس مطرا ينزل من سحابة ممطرة، ستضعنا تلك الصورة البديعة أمام البحث عن مفتاح نستطيع من خلاله تفسير المقصدية، لنجد ذلك في كلمة "يتذكّر"، وكون الغيمة لفظ كناية عن الأم أو المصدر... فتكون الدموع التي تتعلق وتتشبث بالأزهار، شبيهة بقطرات الندى التي تعلق بل تتعلق بالمسطحات ولكنها هنا تتعلّق حبا في رسم ذكرى موطنها ومعقلها الأم. فتكون الأزهار موازية في المعنى للأم أو الموطن الذي يحتوى الحزن ومخزون الذكريات في شتّى قصصها. وبذلك تكون الشاعرة قد رسمت أمامنا مشهدا قد اشتركت فيه من خلال أفعال الحركة، في صيغة ضمير المتكلّم أو الأنا: أبدأ، سرت، أترك، ومن خلال ضمير المتكلم في الأسماء: لأني، دمعي، وكانت الحديقة وما يشترك في تكوينها الفيزيائيّ الطبيعيّ من ورود وندى وسير، تلك الاختيارات اللغوية التي ارتقت في أسلوب صياغتها ومعانيها عالم السريالية في بثها فضاء من المشاعر يمتد نحو خط سير يسأل: ماذا بعد؟!
أما في القطعة الثانية الموسومة بلفظة: المتن، تقول:
متن:
الحديقة فستانها
لست أدري... دخلت أنا وخرجت أنا
وهي حبلى بأزهارها
لقّحت عودَ شمسٍ
وباءت بماء الندى في الخدود
كأن دموع المحبّين عالقةٌ منذ أكثرِ من (غُربتَينِ)
على وجنة المنحنى

دخلتُ ولكنني ما خرجت
ولم يكُ بابٌ
فقد أُصمِتَ الوقت فينا
وصرنا خلودَ الزيارة
في ذاتنا الواحديّة ما مسَّنا
دخلتُ ولكن رفّ الورود تثاءب
نام كثير من العشب عند
أصابع أشجارها
واستحال
وأيقَظَنا؛ ثم حنّطنا الأخضرُ الحلميُّ
تماما كقافيَتين من الاحتضار ولم يشفِنا.
والمتن هو غاية ما ينتهي إليه التقديم وهو النص المقصود وجوهره. تسوقنا الشاعرة إلى حالة قد اتخذ بشأنها قرار مسبق كونها كنه ما تود لنا أن نشاركها به، وهي بذلك تتقدم في اختيار عنصر دائم الحضور يعين هوية النص وملامح تشكيله، لنجدها توظف العنوان الرئيسيّ للقصيدة في العبارة: الحديقة فستانها، وبذلك نجزم الآن أن الحديقة التي تحدثت عنها في التصدير هي ذلك الفستان الذي ترتديه أنثى ما، وعلينا أن نعرف الآن أهذا الفستان جميل شكلا ومعنى؟ أم هناك توجّهات أخرى؟ هل هي من اختارت ذلك الفستان؟ أم أنه فرض عليها؟ والأهم من ذلك من هي تلك المقصودة هنا؟ وما هو سرّ فستانها الجميل؟.
  وفي اجتياحنا يدا بيد مع سياق النص الشعريّ الذي يتقدّم في طريق تجواله في تلك الحديقة (الفستان)، تقول في صيغة تتخبّط فيها: إِنّها لا تدري لماذا دخلت وخرجت وبقيت كما هي، كانت الحديقة حبلى تزدان بالألوان والأزهار، وهي قد لقّحت عود شمس! أي أنها قد منحت من ذاتها جزءا قد التحم مع "عود الشمس" وربما يكون المقصود هنا كون العود مكون ثمين، يأتي من أحد أندر وأغلى الأخشاب بالعالم، يستخرج منها العطر ودهن العود، وباقترانه بكلمة الشمس؛ كناية عن الضوء ومكمن الحياة وشعاعها الأساسيّ، فبدون الشمس ليس هناك تمثيل كلوروفيليّ، وبذلك يتكون المعنى الذي يحتمل أنها قد اختارت أن تمنح من ذاتها التحاما يتناسب مع ما تحبّه، لقد اختارت العطر والضوء معا، وبذلك نحن ننتظر ولادة ما... فتكون الولادة هي العودة بماء الندى الذي أضاء خدود الوجه، وتصف تلك الصورة عائدة إلى دموع وأشواق المحبين المغتربين مرّتين، العالقة على وجنة المنحنى... وربما تقصد بأن تلك الدموع تجفّ ويبقى أثرها على وجنة أحدهم، أو على منحنى ما في الحديقة، أو الفستان الذي يشّف عن جسد أنثى تتكون تضاريسها من منحنيات وتفاصيل تترك رسما للوحة مفترضة. تستأنف الشاعرة القول بأنها في هذه المرة قد دخلت ولكنها ما خرجت، فليس هناك مخرج، وذلك بفعل فاعل قد تسبب في إصمات أو إيقاف الوقت... فيحتم على المخاطبين البقاء الأبديّ في هذه الزيارة، لكن ظهور مصطلح الواحدية، والذي أقرنته الشاعرة بالذات الجمعية وبذلك يكتسب المفهوم قوّة تتغلّب على قوى الوقت المضادة...فلا يمكنه مسّ أي شيء.
تتابع الشاعرة عمليّة الدخول ولكن هذه المرة يتثاءب الورد، وينام العشب الأخضر"عند أصابع أشجارها"، لنجدها تكثر من توظيف الأنسنة، عند "أصابع أشجارها"، تعبير شعريّ فيه انزياح وغرابة، يجمع ما بين الورد والأصابع التي تتبع هنا لعالم النبات، لتطغى صورة السموّ والعظمة على تلك الورود التي يسجد كثير من العشب لأطراف أشجارها، تتكون دلالة الأصابع التي تفهم بأنها أطراف والأشجار التي تتسم بالعلوّ مقارنة بأطوال الورد، تخضع للورود ثم تتحول وتوقظ من تقصدهم الشاعرة في قولها: فتوقظنا، فيتجمّدون أمام الأخضر وجماله، وتشبّه الشاعرة جمودهم أمام هذا الأخضر كقافيتيّ شعر تقفان في نهاية السطر تحتضران، من غير شفاء يرتجى.
وفي القسمين: الثالث والرابع وهو الأخير، تجعلهما الشاعرة في عنوانيّ: هامش وقفلة كالآتي:  
هامش
الصعود يَفرُّ إلى نبتة متسلّقة في الصلاة
فضاء متاحا
دخلتُ
تُعلِّقُ خيط المناجاة في قطن غيمة قلبي
وحين نزعتُ الكلاليبَ
بللني الانتظار بغير شتاء؛
على رِسلِهِ قانطا-ذلك الانتظار-
على رِسلِه
وعلى رِسلِه مؤمنا

قفلة
(حين يهمي البكاءُ عليكْ
تأوّلْ عيونَكَ فيما لديكْ
تأوّل يديْكْ)
وأنت تمرّ بِمنديلِكَ الحجريِّ
وتمسحُ عُجمةَ بعض الغيوم
وتمحو الذي قد تلوّن من سور هذي الحديقةِ،
تنجز بعض الظلام
فيأوي لأخضرِهِ : سوسنا...

وفيهما تتطوّر تلك الرحلة في وتيرة تصاعديّة، شاهدناها بداية أرضيّة في إطار حديقة وفستان ترتديه إمرأة، ثم ما لبثت تلك الحديقة أن كانت محلّ زيارة وطريق تجتمع فيها شتّى صور تعددت ما بين: الجمال والورود والوطن والذكرى ثم تطوّرت في وصف مشاعر الشوق والحزن، ثم اكتست الرحلة بعدا فلسفيا سماويا وروحيا يتوحّد مع مجمل المشهد الحسيّ والوجدانيّ، فتتحدى بتلك الأيديولوجية مختلف العوامل والظروف البيئية كالوقت وغيره، متسلّحة بقوّة الالتحام مع مبدأ الواحدية، كما تجتمع رموز التراث الديني في مفردات: الصلاة، المناجاة، القنوط، والإيمان.
  أما القفلة فقد كانت جميلة موّفقة تتوافق مع دلالة العنوان "الحديقة فستانها"... بحيث خرجت الشاعرة من ذاتها في مخاطبة مباشرة للآخر(عليك، عيونك، يديك)، لتدلّه على أصوب طريق، وأن طريق الحزن والبكاء وهي صورة الألم الذي لا بد أن يعيشه أيّ منا ليكتسب وعيا وإدراكا خاصا، هي الطريق إلى فهم الذات من خلال الذات، فهي التي تستطيع إزالة الإبهام والغموض في محوها سورَ الحديقة، كناية عن القيد، وبمحو هذا القيد من طهر الدمع واستخدام المنديل الحجريّ الصلب الموجع؛ سيستطيع  أن ينجز ظلاما مكان الألوان الكثيرة في تلك الحديقة، لكن هذا الظلام بسبب كثافة الأخضر، وهو أصله ومنبته؛ سيحوّله من جديد إلى شكل ولادة في حلّة ورود السوسن. فتكون الحديقة أو الفستان هي ذات الشاعرة الباطنية، أو حقيقة الكون وصورته الفلسفة الوجودية التي تؤمن بها الشاعرة.
    تعددت المضامين التي تحدثت بها الشاعرة في ديوانها الشعريّ، لكنها تشترك كونها تطرّقت فيها إلى حديث الذات ومحاورة الآخر، ونقل فلسفتها الفكرية والأيديولوجية والإنسانية، وتميّزت بمفرداتها الشعرية والانفعالية، ورموز التصوّف في تكرار لفظيّ ومعنويّ، كالعناوين: غراب صوفيّ، أم يقل المتصوّف، كما أنها اختارت مقولة لابن عربي كعتبة تبدأ بها قبل نص القصائد جميعا، وقد كان نصّها: " من أحبك من حيث أنت فقد أحبّك"، ونقل خلاصة ما آلت إليها تجربتها الأدبية والإنسانية من خلال التعبير عن رؤيتها للكون والإنسان، وكيف يمكنه أن يقف في وجه تحدّياته وينتصر لها، لو عمل على امتلاك أدواته الفكرية والعمليّة، وأرى أن الشاعرة قد نجحت في توظيف أساليب فنيّة وجمالية، تمنح القارئ فرصة قراءة النص قراءة موضوعية، ومن خلال أسلوبها المميّز للبناء الفني للقصيدة؛ عكست أفكارها وصفاتها الإنسانية،  ومن زاوية النص صياغةً وتوجّها، واعتماد القراءة على الثنائية اللغوية من حيث مستوى بنية اللغة ومستوى الكلام أي من حيث استخدام وتوظيف فعلي للغة: الانزياح والمفارقة وتكثيف الدلالة وفتح أبواب تعدد المعنى، ومراعاتها في الخطاب حال المتلقي ومستواه الثقافي والاجتماعي، وجرأة اللغة الشعرية لديها، ودمج صور الواقع والخيال، وخلق مشاهد فوق الواقعية، لتعبّر عن الوعي الباطني العميق لديها.

مع دلالة العنوان "الحديقة فستانها"... بحيث خرجت الشاعرة من ذاتها في مخاطبة مباشرة للآخر(عليك، عيونك، يديك)، لتدلّه على أصوب طريق، وأن طريق الحزن والبكاء وهي صورة الألم الذي لا بد أن يعيشه أيّ منا ليكتسب وعيا وإدراكا خاصا، هي الطريق إلى فهم الذات من خلال الذات، فهي التي تستطيع إزالة الإبهام والغموض في محوها سورَ الحديقة، كناية عن القيد، وبمحو هذا القيد من طهر الدمع واستخدام المنديل الحجريّ الصلب الموجع؛ سيستطيع  أن ينجز ظلاما مكان الألوان الكثيرة في تلك الحديقة، لكن هذا الظلام بسبب كثافة الأخضر، وهو أصله ومنبته؛ سيحوّله من جديد إلى شكل ولادة في حلّة ورود السوسن. فتكون الحديقة أو الفستان هي ذات الشاعرة الباطنية، أو حقيقة الكون وصورته الفلسفة الوجودية التي تؤمن بها الشاعرة.
    تعددت المضامين التي تحدثت بها الشاعرة في ديوانها الشعريّ، لكنها تشترك كونها تطرّقت فيها إلى حديث الذات ومحاورة الآخر، ونقل فلسفتها الفكرية والأيديولوجية والإنسانية، وتميّزت بمفرداتها الشعرية والانفعالية، ورموز التصوّف في تكرار لفظيّ ومعنويّ، كالعناوين: غراب صوفيّ، أم يقل المتصوّف، كما أنها اختارت مقولة لابن عربي كعتبة تبدأ بها قبل نص القصائد جميعا، وقد كان نصّها: " من أحبك من حيث أنت فقد أحبّك"، ونقل خلاصة ما آلت إليها تجربتها الأدبية والإنسانية من خلال التعبير عن رؤيتها للكون والإنسان، وكيف يمكنه أن يقف في وجه تحدّياته وينتصر لها، لو عمل على امتلاك أدواته الفكرية والعمليّة، وأرى أن الشاعرة قد نجحت في توظيف أساليب فنيّة وجمالية، تمنح القارئ فرصة قراءة النص قراءة موضوعية، ومن خلال أسلوبها المميّز للبناء الفني للقصيدة؛ عكست أفكارها وصفاتها الإنسانية،  ومن زاوية النص صياغةً وتوجّها، واعتماد القراءة على الثنائية اللغوية من حيث مستوى بنية اللغة ومستوى الكلام أي من حيث استخدام وتوظيف فعلي للغة: الانزياح والمفارقة وتكثيف الدلالة وفتح أبواب تعدد المعنى، ومراعاتها في الخطاب حال المتلقي ومستواه الثقافي والاجتماعي، وجرأة اللغة الشعرية لديها، ودمج صور الواقع والخيال، وخلق مشاهد فوق الواقعية، لتعبّر عن الوعي الباطني العميق لديها.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي