الشاعر حيدر نضير وتساؤلات الموروث الديني في ملح اسمر

عدي العبادي/ ناقد عراقي

قد لا تكون المجموعة الشعرية التي ا صدرها الشاعر حيدر نضير عن منشورات اتحاد الادباء في بغداد ، نقطة تحول في حياته    وحده بل يمكن ان تكون انتقاله في الوسط الادبي كله او سبب بتغير المسار الادبي كما حدث مع المجموعة الشعرية ازهار التي كتبها الشاعر الفرنسي الكبير  شارل بودلير، وقد  نُشرت في طبعتها الأولى سنة 1857، وتبوأت مكانة في الحركات الأدبية الرمزية والحداثية. تدور قصائد المجموعة حول موضوعات تتعلق بالانحلال والإيروتيكية وبالفعل اعتبرها كثير من النقاد ويكاد يجمعون على انها بداية الحداثة الشعرية الادبية وكذلك مجموعة انشودة المطر الشهيرة للشاعر بدر شاكر السياب وكانت اول مجموعة يظهر فيها الشعر الحر العربي او بدايات الشعر الحر او المرسل كما يطلع عليه البعض وهناك مجاميع شعرية كثير كان لها اثر في الوسط الادبي وبالخصوص حين تكون بدايات الشاعر من هذا المنطلق ندخل على عوالم مجموعة الشاعر الشباب حيدر نضير  وهي  اعماله الشعرية التي  كتبها بطريقة النص واحد لكن بصورة متعددة مع الحفاظ على بنية العمل ان طرح مجموعة شعرية كامل يعد مغامرة فالمجموعة عبارة عن خلاصة تجربة وحين تطبع تكون ملك الذائقة العامة التي يمكن ان تصنع من صحاب المجموعة شاعر مهم او جرد رقم يقول
ايتها الحبيبة
اتساءل مع تفسي
هل للريح وطن
وهل سقوط المطر انتحار
هل نوح الحمام
عزاء دائم على الحسين
مادام لم يكن لهم يقين
لماذا لم يتعلوا
من النمل
كيف يكونون امة واحدة
يا سليمان ان قلبي
خبرني
خبرني
اشتغل نضير على ربط المورث الديني وازمنته المتفاوت أي المراحل التاريخ بين الحسين ابن علي وسليمان ابن دواد وقد وظف العلامات الدالة لكل من سليمان وقصته مع النمل والحسين والحمام الذي يسكن
مرقده ومن اجل ان يصل بنا نحن المعنين بالخطاب الى قيمة الشعور بالمورث الديني فالحمام الذي اعتبر نوحه الدائم عزاء واظهر تماسك النمل  ليضعه استعارة على تشتت الناس وتفرقهم بينما النمل امة واحدة
كيف يزهر شبيه
قبل مواسم الحناء
وكيف يعيد هديره
ما خرج عن سلم الشعر
لصبح مويسقا
كما يتلاءم وانت
انا حفنة تراب
يوم هطلت
ودق باب طيني قدم اثرى
للان اشعر بي
اعرف من اكون
مجموعة من الاسئلة يظهر فيها عنصر التشويق من اجل تحريك مخيلة الملتقي والابحار به على عوالم التساؤل وفتح افاق جديدة من خلال  نسق شعر وهذا ما ذهب اليه باختين من ان الاثر الاديب لا يحمل طباع جمالي فقط بل طباعي معرفي فلسفي
منذ وقت الملح ذا
انا اشهد
ذاك الخصب
والسنابل تقفز فوق العرق
كنت جناحا يرف لم نصحوا
ويوم رهنوني اليباس
يشرني الورد اينانا
انا اجمل الطيور
تلك التي تطوف المنائر
ترسم على لوح السماء
حجا
يكثر الشاعر بنصه ملح اسمر الى كثير من الانزياح الذي نلاحظه في  بين المقاطع معتمد على صناعة جمهور نخبوي يتعامل مع المنتج الادبي الذي يكون مبني على الترميز من اجل الاشتباك معه وفك شفره للوصول الى ماهية العمل .