loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

حدود الذائقة الشخصية في تلقّي نصوص حلويات عمر السراي

breakLine
2023-12-14

محمد جبير || كاتب عراقي 

هل يمكن أن يتوقّف المتلقّي عند جملة شعرية بعينها؟ حيث تكون هذه الجملة بمنزلة عتبة أولى للقراءة النصّية، والتفاعل مع بوح الشاعر الذاتي فيما يرسمه من صور شعرية ذات دلالات خاصّة، هذه الجملة هي سرّ المفتاح السرّي الذي يمكن به فتح مغاليق النصّ في تنوّعه نصّيًا وجماليًا وتشكيلًا، أو الإيحاء بالرؤيا الخاصّة التي يرسم خطوطها الشاعر، قد يتساءل ويتوقّف كثيرًا متأمّلًا في مديات السؤال في: كيف يمكن لهلال أن يحبّ فلّاحة؟ وما الصورة الشعرية التي يمكن أن تشكّلها هذه الجملة في ذهن المتلقّي؟ قد يكون هذا التساؤل هو أوّل فعل يتشكّل لدى المتلقّي وهو يقرأ قصائد "حلويات" للشاعر عمر السراي، والصادر عن دار دور في بغداد 2022، وقد يعثر المتلقّي على إجابة عن التساؤل في حال الانتهاء من تلقّي النصّ بعد أن يعيد تشكيل وترتيب الصور وفق مرجعياته المعرفية، وذائقته الجمالية، في تلقّي اللا مألوف والمدهش في بناء تلك الجملة الشعرية، وفي الإيغال برسم الحالة الشعورية التي قد تعزف على أوتار المتلقّي، وتأخذه إلى منطقة التأمّل والسؤال، وقد يدخل في حيرة المعنى وتعدّد الرؤى المنسجمة أو المخالفة لمنطق النصّ، إذ تبقى العلاقة بين النصّ والمتلقّي علاقة مدّ وجزر، أو تواصل وانفصال، وهو الأمر الذي يحتّم وجود متخيّل صوري جمالي يوازي جمالية النصّ.
" مرّة أحبّ الهلال فلّاحة ريفية
فنزل إليها..
وحوّل نفسه منجلًا بين يديها
ومازال كلّما لاحت سنبلة أمام وجهه في
الحصاد
تذكّر أنّه ترك أسنانه في السماء..
وبدلًا من أن يحزّ خصرها
كان يقبله ليعلن انتصار الفقراء على الجشعين." "ص27".
وإذا كانت مفردة "مرّة " قد شكّلت مفتاحًا لجملة نصّ، ووظّفت لإشارة تواصل "حبّ"، فإنّها في نصّ آخر تأخذ وظيفة أخرى مع الحفاظ على إيقاعها الخاصّ.
" مرّة حاول الحمام المزروع في جدارية فائق حسن
أن يعبر جسر الجمهورية
فجابهه الطغاة بالنار" "ص26".
لم يغيّب الشاعر أحاسيسه ومشاعرة على المستوى العام والخاصّ، وإنّما كان البوح عنصرًا طاغيًا في نصوصه التي وضعت بين دفّتَي هذا الكتاب، فقد نثر محبّته بين ثنايا وامتدادت الحروف "اعتدت أن ألتقط صورة للشاشة.. كلّ نهاية حوار يعلن آخر قصّة حبّ عشتها.. لقد امتلأت الذاكرة" "ص92"، لكن هل تمتلئ ذاكرة النصّ؟ تبقى ذاكرة النصّ في مساحتها اللا متناهية، قادرة على حفظ وخزن ما يمكن التقاطه من صور تكشف انفعالات وأحاسيس الإنسان في تنقّلاته بين الأزهار أو معاناته من وخز الأشواك، فالذاكرة النصّية بإمكانها تخزين حكايات العالم كلّه، وتعيد إنتاجها بأشكال تعبيرية مختلفة، وترسم لها آفاقًا ملوّنة لتعيش سعادة حياتها مجدّدًا، تلك هي سعادات الخلق النصّي.
يستلّ الشاعر صورة من المشاهد اليومية، ليكون قريبًا ولصيقًا وصديقًا حميمًا في خطابه للمتلقّي، ففي قصيدته "مروان" التي يستهلّها بـ"بلبلك الذي أعطيتني إيّاه يوم رحيلك، صار يغرّد بقسوة..!" "ص121"، ليقدّم بعد هذه الجملة سرديته الشعرية عن رحيل صديقه الشاعر "مروان عادل"، مروان الذي أهداه بلبلًا، وحمّله مسؤولية رعايته، هذا هو بديل الحياة أو استمرار وجودها في النصّ / الأثر الذي يشكّل باقة من ورد الوفاء للعلاقة الثنائية في الرؤيا والحياة، حيث يقول
" من قال إنّ البلابل تغرّد..؟!
إنّها تتألّم..
نحن نستمتع بالألم" "ص122".
لقد كان مروان البلبل لا يغرد في قصائده، وإنّما يقطع قلبه، ويحيله إلى نصوص تشعّ بالحبّ والأمل، تلك النصوص التي سارعت بنهايته، لأنّه لم يطق العيش في بلاد لا تصلح لعيش الشعراء البلابل، لذلك يقول الشاعر جملته التي أراد أن يقولها لتكون أشبه ببيان لإعادة صياغة الحياة.
" اقتربي
لنموت حبًّا
فهذا العالم أصغر من أن نعيش فيه بعيدين" "ص64".
 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي