loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

دراسة لرواية الكاتبة عزّة طويل "لا شيء أسود بالكامل"

breakLine
2024-04-16

 


جودي الأسمر | كاتبة لبنانية

 

لا شيء، خصوصا الموت عند عزة طويل، أسود بالكامل. رواية قصيرة تمنّيت ألا تنتهي. على درجة متقدّمة من البراعة السينماتوغراغية والتقنية المجددة، إن لم تعرف اسم الكاتبة ستظنّ أنّها ليست العمل الروائي الأول ولكنها كذلك. شردت طويلا قبل صفحاتها الأربع المتبقية، وفضّلت لو أنها لم تضف المقطع الأخير. الموضوعات كثيرة ومتلاحمة: الأمومة، الأبوة، البنوّة، الحب، الجنس، الموسيقى، الزواج، الإجهاض، حمص، بيروت، الحرب في حمص، الحرب في بيروت... جميعها تتشابك  عبر خيطها الموضوعاتي الذي نسجه الموت، وبقدرٍ من الحنكة في رسم الجوّ الذي لم يكن ثقيلا أو سوداويا بما يفترضه الموت. جو حالم دعاني للتأمل والابتسام وللدهشة والإعجاب في بعض الصور، إذ تتبحر الكاتبة بأكثر المواضيع حزنا وغموضا.
أثّر فيّ بشكل خاص ربّما بفضل أمومتي حديثة العهد، مقطع شخصية الرواية وهي ترضع ابنتها سارة الحليب بعد موجة هلع أصابت الأم بسبب مفرقعات نارية ظنتها دوي قصف، فامتصت ابنتها خوفها، وبكت الطفلة كثيرا:
"تململَت على سرير صديقها، قلقةً من تأثير هذه الذكريات على حليبها. سألتْ نفسها: ''لماذا أُرضع ابنتي كلّ هذا الأسى؟"، حاولَت أن تزيح سارة عن ثديِها فازدادت الطفلة تشبثا به. حضنَتها وانهمرت دموعٌ ناعمة من عينيها."
قلّما نقع في كتاب واحد، على هذا التكثيف، وعلى الوضوح المكثف عبر زمنين، نجول بينهما بسلاسة وانسجام: زمن الحرب اللبنانية وزمن رواسب الحرب. إنّها تصفية حسابات الحرب عبر شخصيات الرواية، وأجمل ما في هذه الشخصيات أنّها غير مثالية، وجميلة لأنّها غير مثالية، والأمر لا يستثني البطلة، شخصية ليست سوداء بالكامل ولا بيضاء، ولذلك فهي تحضّ على التصديق بأنها حقيقية. 
أتساءل لماذا اعتمدت الكاتبة تقنية الراوي العليم للحديث عن البطلة، التي لم نعرف اسمها، وأحيانا تتحدث البطلة نفسها بصيغة المتكلم. هل محاولة للقول بأنّ ثمة أمور تحدث داخلها ومعها دون أن تدركها أو تعلم بأثرها؟ كما لفتت انتباهي كلمة "الرّوح" في كلّ المواضع بالمذكر وأنا لم أعرفها سوى مؤنّثة.
تبدأ الرواية وتنتهي بين الاجهاض ومشهد في الجبانة لظرف آخر كان فاتحة تصالح البطلة بعلاقتها مع أبيها، غير أنّ الحرب اللبنانية برأيي كانت ضابطة إيقاع كلّ الأحداث والتعاطي مع فكرة الموت ولو كان موتاً عاديا بعيدا زمنيا وسببيا عن الحرب. ويمكن القول أنّ الموت الذي يستحضره الوسواس القهري للبطلة رسم هندسة دائرية لبنية الرواية تلمح إلى أنّ الحرب في لبنان مثل الموت، حلقة مغلقة لا فرار منها.
 

 

 

 

 

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي