loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

قراءة في المجموعة الشعرية "صليل الروح" للشاعرة حنان الفرون

breakLine

 


محمد مهداوي | ناقد مغربي

 


على جبين أيامي، نهر من القوافي
يقتلع دثاري، كل ليلة...
من هذا النهر المتدفق، شقت شاعرتنا مجاري الإبداع، لتنثره قواف مرصعة على هامتنا، ولتروي بعضا من ظمئنا الأدبي، وحاجتنا الملحة في تجديد أحاسيسنا ومشاعرنا. الذكريات والأحلام مكان خصب لإنبات شذرات الوله والتمتع بشذى العشق الرومنسي. كل شيء توقف عن الدوران، ليفسح المجال لسويعات الفرح بالانتشاء، بعيدا عن الرقابة:

عقارب الساعة تنكرت
وامتنعت عن الدوران

لا شيء في هذه الدنيا يستطيع التنكرللماضي، لأنه منقوش في ذاكرتنا، يعبر عن طابوهات دفينة أو مسكوت عنها، وتبقى الكلمة المعبرة والصور البلاغية الرصينة وسيلة ناجــعة من أجل تطـهير النفس والبوح علنا عما يجول في خـواطر مبـــدعتنا، لا صـــوت يعلو على صوت الوجد، ولا نوتات تعلو على سيمفونية النغم:  
كل الذكريات
موغلة في جوف الليل

الأدهى والأمر أن كل الأوجاع تستنهض همم مبدعتنا حنان الفرون ليلا، وتعمل على إيقاظ الجراح القديمة، فمتى يستكين القلب ومتى تلتئم الجراح؟ ومتى تعلن نهاية  سفريات الوله والهجر؟ أسئلة كثيرة ومتعددة تطرحها مبدعتـنا لعلها تـجد أجــوبة ناجعة أو بلســما
شافيا. لكن مع الأسف الشديد، تستمر قصيدة العشق إلى ما لا نهاية، كل الآفاق مسدودة، ولا علامات واضحة تستغور المستقبل من أجل فرحة أخلفت موعدها. حتى الحلم، لم يعد يطاوع مبدعتنا، أغلب الأحلام رغم جمالها تتدثر في ثوب حزين، هي سيمفونية فطرية، نوتاتها نبضات القلب، أنغامها زقزقة عصافير تائهة، والجسد وحده الهائم على نفسه يرقص رقصة المتصوف، الذي يستجلي جوارحه من أجل سقطة صوفية، تطهره من أدران الوجع والألم.. حقيقة، يعجز المرء عن الإجابة على السؤال المحوري الذي يتردد بين جوانح مبدعتنا: 
لماذا يحس العاشق الولهـان بنوع من الزهو والنشــاط وهو يمــارس
طقوس الألم والوجع  عن طواعية؟
وتأتيك الإجابة شعرا:

و أنا ها هنا
أنغمسُ في نهر
الكتابة...
أعُدّ الأيام و الأعوام
و أعِدُهم بلحظات
تخلو من الكآبة
وهل فعلا سيتحقق هذا الوعد؟

لا، لن يتحقق أبدا، مادامت الجراج عميقة والعذابات سرمدية، والقوافي هي نفسها تحتاج لضخ دماء الألم من أجل الإبداع، هذا العالم اللولبي، لا تستطيع مبدعتنا الدوران عكس اتجاهه، لأن التيار قوي والمياه جارفة، صعب جدا معاكسة القدر، والأصعب إيقاف الذكريات أو كبت الأحلام، لأنها لا شعورية وتدخل ضمن لا وعي الإنسان.. ومع ذلك يحق لمبدعتنا أن تتحول إلى بحر أو فراشة أو قمر لتفرغ بعضا من آهاتها وتنفث بعضا من دواخلها ... مخاطبة الآخر أحيانا يعتبر تنفـــيسا عن الذات المكلـــومة، ولنا في شعـــرائنا
القدامى خير مثال، ولا يتسع المقال لدكر بعض استشهاداتهم.
تقول  مبدعتنا متقمصة شخصية البحر:

لو كنتُ بحراً
لابتلعتُ كل الهواجس
تقول مبدعتنا متقمصة الفراشة:
كنتُ كفراشة
نُسجت أجنحتها
من ضي القمر

تقول وهي تتقمص شخصية الغيمة:

حتى لو كنتُ غيمة
من الغيمات العابرة
تقول وهي تخاطب الصمت:
يا صمت
دعك تُراقبني من بعيد

مثل هذه التداعيات النفسية تخفف على المرء بعضا من كروبه، وتجعله كطائر النورس، يتنقل بيسر بين منطقة إلى أخرى بحثا عن الاستقرار، كما يمكن اعتبارها تطهيرا وتنفيسا عن النفس، وما القصيدة إلا شحنات عاطفية ومعنوية، في ثوب حروف، لباسها الخيال وأكمامها الصور الشعرية، وحِليها القوافي المرصعة...
لقد تفسحنا في حدائق مبدعتــنا الأدبية، تعطرنا برومانســـياتها 
الفواحة، وترنمــنا بقوافيها الصـــداحة، وهِمنا كطائر الحـــسون بين
أغصان جناساتها المتناغمة، وتلذذنا بثمار استعاراتها الندية.. عشنا لحظات جميلة هائمين، نمخر عباب الذكريات والأحلام، بحثا عن جزيرة الجمال، وعن مرفإ قد يمدنا قسطا من الراحة النفسية.
 

 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي