loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

قراءة في المعنى والمعنى الشعري للناقد د. رحمن غرگان

breakLine

 

إبراهيم رسول / كاتب عراقي 

 

 

إنّ اختيارات الناقد، جزء من ذوقه، وهذا الذوق يجب أن يكونَ وفقَ قيمٍ جمالية بحتة، وما يُحسب للناقد رحمن غرگان، أنّه ينتقي المتفرد والمُميز أو اللافت، فيضعه تحت مجهره النقدي، ويمارس عملية البحث الجمالي في المعنى الأدبي، ما يُميز هذه الرؤى النقدية، أنّها اهتمت بالنص وما يُحيط به، أي أنها اهتمت في داخل النص وخارجه، وهذه طريقة نقدية سلكها الناقد في نقده للمجموعة الشعرية ( غيابة اللا أين) للشاعر قاسم والي.
الكتابُ هو حفرٌ نقديٌ منهجيٌ، عبر آليات وطرق حديثة للوصول إلى المعنى والمعنى الشعري، لو نظر المتلقي نظرة سريعة على فهرست الكتاب، لأدرك الطريقة النقدية التي سيتخذها الناقد كطريقة منهجية يلتزم بها، إذ مهد للبحث عبر مقدمة، تحدث فيها عن المذهب الذي سيطبقه في قراءته للمجموعة الشعرية، ومن ثمَ راح يعنون الفصول الخمسة، اذ عنونَ الفصل الأول: عتبات الذي يجري إلى اللا أين، أما الفصل الثاني : معجم المعنى والمعنى الشعري، والفصل الثالث: التركيب الأسلوبي مكاناً شعرياً، بينما عنونَ الفصل الرابع: ممكنات التصوير معنى شعرياً، فيما كان الفصل الخامس: بنية التجربة وبناؤها، وثم كتب خلاصات ختام ويليها ذكر قائمة المصادر والمراجع، هذا الكتاب الذي تطبعه دار تموز ديموزي الطبعة الأولى سنة 2021.
إنّ الاهتمام بالعتبات النصية، يكون مهماً لفهم المعنى الأدبي بحسب رؤية الكاتب، إذ تمثل العتبة النقطة الأولى للولوج إلى عالم النص الباطني، وكلما كانت العتبة جميلة ودقيقة ولها نزعة جمالية كلما كان باطن النص أكثر بريقاً وسموّاً، فالعتبة تمثلُ البوابة الأولى، التي هي جزء متصل اتصالاً بنائياً وليس شكلاً خارجياً تكميلياً، فهي نص من النص وليس نصاً خارج النص، ولعل كلمة الناقد في أول هذا الفصل تؤيد ما نذهب إليه : تمثل عتبات المجموعة الشعرية المعاصرة جزءاً من معجمها؛ لأن معجم العمل الأدبي، القديم منه والمعاصر، لا يكتفي بالألفاظ، بحسب ما أرى، وإنما يتزود بروافد أخرى كثيرة؛ منها ( كارزما الشاعر).( صفحة ١٥).
بدأ في قراءته النقدية، من الخارج إلى الداخل، أي من الشكل متجهاً إلى الباطن، ومارسَ بحثه النقدي، بدأ بالعنوان الذي كان جملةً فعليةً، شارحاً وكاشفاً عن المعنى الذي يكمن وراء هذه العنونة، يهتمُ الناقدُ حتى في الكارزما الخاصة بالشاعر، وهذه لها سيميائية خاصة عند كل شاعر، إذ تؤثر الشخصية بصورةٍ مباشرة وواضحة على النص، الشاعر قاسم والي، كان مميزاً في مجموعته الشعرية، التي ولدت لدى الناقد إحساساً بأهميتها فنياً.
إن القراءة الإيجابية للنص المنقود، أعطت قيمة جمالية للنص، إذ القراءة استعملت أدواتها المعرفية في الكيفية التي تقرأ فيها النص، وهذه القراءة ولدت شعوراً ورغبةً، أن يُبحث عن المعنى الأدبي، حتى عنونَ الناقد البحث بالمعنى! وهذا العنوان ليس ارتجالاً بل، له دلالالة واضحة عند الناقد وفي طريقته في القراءة للمجموعة كاملة.
إذ يقول في صفحة ٦٤:  المعجم في التجربة الشعرية لا يكتفي بالكلمات والألفاظ، ولا بالإشارات وعلامات الترقيم، ولا بالخطوط والتشكيلات الخطية والرسومات، إنما يعبر لسياق حال من الأداء يجاور المدوّن؛ لأن النص ممثل على ورقة المسرح الكتابي، أو أي سطح نكتب إليه أو عليه، ومن ثمة فكل ما يتصل بسياقات : النصية والحالية، اللصيقة والسياقية يرفد ذلك المعجم بغذاء معين. هذا النص يوضح الطريقة النقدية التي التزمَ الناقدُ بها في اشتغاله النقدي هذا، فهو يعد الاهتمام حتى بعلامات الترقيم ضرورياً.
فالرؤى التي كوّنت الوعي النقدي في هذه الدراسة هي:
أولاً: الاهتمام العالم الخارجي, أي ما يحيط النص, شكلياً, بل الواضح, أن الناقدَ لا يميل إلى موت الشاعر, إنه يعتبرُ الكارزما , أحدى الاجزاء التي تكمل النص, وتصب في رافده ومعينه.
ثانيا: الاهتمام بكل ما يتعلق باللغة, من علامات ترقيم وفواصل وإشارات وغيرها, كل هذا لم يغادر رؤية الناقد, فهو يعد الاهتمام بهذه الأمور, ليس اهتماماً من قُبيل التجميل, بل إن هذه الأمور, هي مكملة لفنية النص, لأن لكل علامة معنى معين, يجب أن لا يغفله الشاعر, وقد كتب الناقد بحثاً في أهمية هذه العلامات ودِلالتها.
ثالثاً: الدخول إلى بنية النص الشعري, تحليلاً وتفسيراً وتفكيكاً, وهذه ميزة أخذت مساحة كبيرة من البحث النقدي الذي تناوله, فالعالم الداخلي للنص, هو عالمٌ واسعٌ, وحمال معاني كثيرة, والنص مفتوحٌ على تأويلاتٍ شتى.
رابعاً: الصبر, والذي هو صفة مرهقة وتحتاج إلى نفسٍ لا تمل ولا تكل, وهذا واضحٌ في النفس العميق الذي تجمل فيه نيه الناقد, كان النقد مكملاً لجمالية النص, إذ لم ينعزل النقد عن الإبداع, فتساويا في النزوع الجمالي والفني والغاية هي المعنى بصورةٍ أجمل وأبهى, فكان العنوان يعضد ما نذهب إليه( المعنى والمعنى الشعري), فدقة العنوان أتت بعد قراءةٍ عميقةٍ للنص الإبداعي, وكان العنوان منبثقاً من النص الشعري.
في المحصلة النهائية, إن نقود د. رحمن غركان, تشتغل على تتبع النص وما يلحق به, وقراءة هذه الملحقات مع النص بقراءةٍ كاملة, إذ مثلت هذه النقود حفريات عميقة, وغور بعيد في عالم النص وباطن باطنه.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي