قراءة في رواية (خط ونقطة) للكاتب صلاح كنعان.

تحسين علي جبر || كاتب عراقي

* يقول المفكّر محمد عابد الجابري عن الأسلوب: "أنه الحالة التي يستطيع فيها الإنسان أن يجسّد مشاعره ويعبّر عنها بطريقة منهجية".

على غرار روايات كثيرة، يجابه بطل رواية خط ونقطة، مسألة وجوديّة غاية في الخطورة. وهنا بالذات، لا يتكئ الكاتب عن طريقته في إيجاد تلك الحلول؛ بل يترك الطرق المتشعّبة التي يخوض فيها للهرب وعائلته من بطش الدولة الإسلامية، تجيب عن التساؤلاتِ الكثيرة التي تستحدثها السياسة والحروب. وفي مونودرامية صرفة، تترادف مع إطلاق البطل العنان لخياله حول ماهية الطرق التي يسير فيها مخفوراً، نحو نقطة الخلاص، وكيفية رؤيته لتبدّل شكل العالم حوله؛ جغرافياً، وفكرياً، وإيديولوجياً. يأخذنا صلاح كنعان في رحلةٍ مع الذات، قبل أن تكون رحلةً مع الآخر؛ فباستعارات ذكية، وألعاب لغويّة تتناسب مع توهّج أو انطفاء الحدث، يسحب كنعان القراء نحو منطقةٍ نفسيّة يشتبك فيها الماضي مع الحاضر، بخيطٍ قلق، تشدّه إليهما المحنة: محنة الوجود في عوالم تختزل الحياة وتصنّفها، وتدّعي أن لها الحق في نقدها وإدانة ذلك الوجود وتجريمه. 
شخصية (الناقل) في خط ونقطة، ونوعية حياة هؤلاء الثلاثة الذين يعتمد عليهم البطل في تخليصه من آلامه ومخاوفه، رغم كونها شخصيات شبه صامتة، لا تتحدّث إلا بما يسمح به الطريق؛ تحمل ما بينَ طيّاتها إشارات وإضاءات خاصّة، تزيد من الضغط الذي تنساب به الرواية حول ما يخبئه المستقبل القريب جداً؛ إذ يتناوب هؤلاء على التفكير بدلاً عن الراوي أحيانا، بما أنهم يقومون بأهم شيء في مسألة الهروب، وهي قيادة المركبة نحو منطقة الخلاص الجغرافيّة، تاركين البطل وحده في منطقة اللاجدوى، التي تستمرُّ في الحياة إلى ما لانهاية. رواية (خط ونقطة) كتبت بطريقة النفس الواحد؛ إذ شعرت وأنا أقرأها بالإجهاد الذي تفترضه، مؤكّدة أن الحياة لا تستحق، إلا حياتاً أفضل منها.