loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

معرض الفنان حامد سعيد ( لا جاذبية إنعدام الآصرة البشرية بكلِ شيءٍ حميمي )

breakLine
2023-02-21

 

 

د. قيس عيسى || كاتب وفنان عراقي

 

لا جاذبية هل هي وهم ما نُسميه التماسك العضوي والفيزيائي للأشكال والأجساد؟ أو إنعدام الآصرة البشرية بكل شيءٍ حميمي؟
قد تأخذنا حميمة العود إلى الماضي بتفسير معنى (لا جاذبية) إلى حقول الطفولة بعفويتها التي تلامس روح الأشياء. لا نظام غير المرح السائد لا ألم غير وخز إبر سعف النخيل فتعلوا الضحكات ترديدات لنغمات تناثرت في الفضاء. (العِسكَةُ)() بديل القلم يختطون بها (مثلث الأورطة)() و (دائرة الطنب)(*) لا يرمون الحصى على أحد بل إدخروها (للحلول)(*). 
هذا النظام الداخلي الذي اكتشفه الطفل مأخوذاً بانبهاره بالطبيعة المحيطة به، وكل مكوناتها وسائل للمرح سهلة الاستعارة تحمل طاقة المرح قافزة هي الأشياء شهية للمخيلة تنفصل عن أجسادها المؤقتة لتعيش المرح بيد لاهية تمنحُها تشكيل آخر بجسد جديد. لا لنظام الحكماء وأصحاب اليقين والعارفين. هكذا أكتشفه الطفل، فهو لا يعبر الجسر كالكبار بل يقفز (الشاخة)(***) كأنه ريشة في الهواء يغادر من ضفة إلى ضفة، حبل الأرجوحة من (الخوص) أو سعفة خضراء مدت ذراعها على الجرف تلامس وجه الماء.  
اذن أنظمة الجمال هي سر مُتخفي في هذا الكون تحتاج إلى مسها و مُداعبتها، جَذبِها، تَحّمُلُ عنادها إغوائها، تحويلها، هكذا هو الطفل لا يكترث لقانون الكبار لاعب حر عيناه ( باهشتان)(**) ) تَرقَبُ ذيل القطة قرب فراخ البلبل.  
هذا ما أكتشفه الفنان حامد سعيد وحمله معه إلى الكِبرِ رحلةُ من اكتشف حقيقة الجمال والحرية والمرح كل شيء سائل، حدوده التيه بين مساحات الضوء لا يتسق التكوين إلى حدود مقننة أو تكوينات فنان عارف بمزايا الكبار، وهي الانضباط والتمكين. 
انحسار القانون الوضعي أمام القانون الطبيعي، الأول منشأ أغلب الخيبات والثاني تمددٌ طبيعي في الفضاء كنبة مسترخية.
ما بعد المهارة والاتقان؛ وهما العتبتان الأولى لمفهوم النتاج المادي الذي يتألف منه الفن؛ يتشكل الموقف الإنساني في حدقة الفنان إزاء كل ما يحيط به. قد يكون موقفاً رافضاً أو تهكماً أو حالماً أم مُتَخَيّلاً.
الخيال هو الجامع لكل هذه الصور التي تصف موقف (الانسان الفنان) إزاء ما يحدث. والأهم هو (الخيال) هذه المفردة التي تميز نتاج الفن، فكل تحريف للشكل البصري وزحزحته عن صفاته المألوفة وأكسائه بصفات تجعل منه نتاج مُتَخَيّلاً يكون مُساهماً في الإضافات النوعية التي أنتجها الانسان وأصبحت كوناً موازياً للكون الطبيعي.
ولا يتعلق الامر بصياغة الشكل ونمذجته بما يلائم مُتطلبات التكوين الفني وإنما هو كشف للنظام الطبيعي المستتر خلف الموجودات الطبيعية. الذي يكون هو المُناسبة الأكثر أهمية لانتقال الفنان من البصرِ إلى البصيرة التي تُحقق رؤية عميقة تكشف سر الوجود، وهذا السر هو طاقته الكامنة التي تفيض بالحركة والديالكتيك المستمر، عندها تكون الاشكال والاشياء والأجساد بثقل كتلها عبارة عن هوامش بعد انفلات الروح. عندها يتكشف قانون الطاقة الكامن في تلك الكتل المادية هذا ما توصل اليه الفنان (حامد سعيد) من خلال معرفة ذلك القانون الذي يحرر كائناته من كتلها المادية ويمنحها حريتها الأبدية.
كائناته الشفيفة تتنافذ فيما بينها دون اكتراث ودون اصطدام فهي طافية في فضاءاتها المتعددة. فالماء والهواء والأرض فضاءات مُعدةٌ للهو فهو يستحضر الطفولة التي نمت حتى كبرت معه.

الهوامش 
(*)  العِسكَة :  وهي كلمة يتداولها الجنوبيون في العراق وهي قوس أخضر ينمو في تاج النخلة يصلُ ثمار النخيل (التمر) بقلب النخلة.
(**)  مثلث الاورطة: وهي لعبة شعبية يقوم الأطفال برسم مثلث على تراب الأرض ويضعون على كل زاوية منه حصى أو كرات زجاجية تًدعى بالدعابُل).
(*)  دائرة الطنب : أيضاً لعبة الصبية حيث يرسمون على أرض مسطحة دائرة وفي منتصفها خط توضع عليه كرات زجاجية تُدعى بالدعابل. 
(**)  الحلول: وهي لعبة يمارسها الصبية تكون أدواتها الحصى وهي ذات طابع حميمي يُزيد من الالفة بينهم. وتعلمهم الحساب بالحصى. 
(***)  الشاخة: هي نهر صغير لا يتجاوز المترين عرضاً، حيث كانت هذه الأنهار بمثابة الشراين التي تغذي البساتين من ماء شط العرب.
(**)  الباهش: هو الطفل الذي يكون كثير الحركة قافزاً بين المروج كالأرانب، هذا الاصطلاح مهم في الثقافة العراقية ويختلف عن الطفل المشاكس.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي