loader
MaskImg

المقالات

مقالات ادبية واجتماعية وفنية

نعم، يمكن للفن أن ينمو جوارَ التطرف

breakLine

 

إيهاب شغيدل/ شاعر عراقي

 

دخل علينا شاب ولفت انتباهه عمل للفنان باقر ماجد، متسائلا ما هذا؟ هذا حرام أنتم ملحدون، و العمل كان امرأة عارية باللون الأزرق، وخارج الجسد تنمو كتل حمراء، والمكان كان في مدينة الثورة المنطقة الشعبية وسط بغداد، ذلك حين قررنا نحن الشبان الثلاث افتتاح ورشة فنية تعنى بالديكور والتشكيل
في مدينة الصدر ذات الكثافة السكانية التي تتجمع فيها الطائفة الشيعية ، المدينة الدينية التي تحمل اسم مرجع ديني شيعي كبير هو محمد محمد صادق الصدر.

كنت العاطل الوحيد بينهم، لا عمل لي سوى المراقبة، ما هي إلا أيام وجاء رجل من أجل أن نصمم وننفذ له ديكور محل للحلاقة، صعقه عمل آخر، نساء عاريات في مدينة الصدر الثورة سابقا ياللغرابة، نعم فعلنا ذلك، نعم ذلك حصل حقا، في العام 2017.

ربما يرى الآخر، الزائر، الذي لا علاقة له بالتشكيل والجسد، إننا ندنس المدينة، إننا ننشر الفسق والفجور، كما أخبرنا أحدهم لاحقا، إلا اننا لا نملك غير هذا المكان من أجل قضاء الوقت ومحاولة كسب بعض النقود التي لا تكفي السجائر وقتها، وتساءل آخر هل أنتم مجموعة ملحدين!

ما هي إلا شهور حتى تكاثرت اللوحات العارية وباتت مصدر خطر حقيقي، حتى إننا استعرنا ستائر من أجل اغلاق المكان بإحكام، فنحن نعرف تاريخ الجماعات المتطرفة مع الجسد، وكان من الحمق أن يفكر ثالثنا عمار عباس بمثل هكذا خطوة خطرة قد تودي بحياتنا، فمن يصنع هكذا فن قرب هذا النوع العنيف من المجتمعات، لابد إنه أصيب بنوع خاص من الجنون.

أصبح المكان مصدر خطر، أصبح المكان مدنساً ومتهماً فما كان منا أخيراً إلا أن نستسلم وننسى قصة صناعة خطاب جمالي و إيروتيكي وعبثي في واقع سريالي تذوب داخله الفنون لتصبح خطابا للكراهية وتكريس العنف.

لم يمر وقت طويل، حتى ذهبنا نحن الثلاثة للاشتراك في التظاهرات التي اندلعت في العراق، تظاهرات تشرين، وفي اليوم الأول للموجة الثانية 25/10/2019 فكر باقر ماجد أن يرسم على الجدارن مفتتحاً نفق التحرير بلوحته الشهيرة، لم نستحسن الفكرة وقتها، فأعداد الشهداء يزداد ويزداد معه إصرار باقر على الرسم، فما كان منا عمار عباس وأنا إلا أن نستسلم لرغبته الجامحة، ذهبنا إلى البتاويين بحثا عن علبة صبغ، اتصل بنا، لقد سقط شهيد جديد، بينما نبحث عن فرشاة، اتصل بنا باقر ثانية، ثمة كثافة في الدخان، نحن نختنق، عدنا بعد وقت ليس بالقصير معنا كيس من كامل من ادوات الرسم وبدأ يرسم يوم 27/9/2019 من الثالثة ظهرا حتى منتصف الليل، بعد موجات العنف في الايام الاولى اصبح النفق امن إلى حد ما، وبدأ عديد من الشبان والشبابات في ترك بصمتهم، غادر باقر لوحته الأولى، ليذهب باتجاه المحلات التي تقطع تحت نصب الحرية، هناك حيث انشغلنا باليومين الأولين بتنظيف هذه المحال المتروكة من أجل أن تصبح سكانا للوافدين إلى تحرير من خارج بغداد استمر باقر في الرسم على الجدار، قال وقتها: أنني أشعر بالحرية، كنا في أطرافه نخشى الرسم، الآن أرسم في مركز المدينة، يالها من حرية.

 

يبدو أن المفارقات تلاحق المرء فيما لو رغب أن يقبل على الحياة، وكذا الأمر مع أعمال باقر، واحدة من تلك المفارقات، أن أحد المنتمين لجهة حزبية دينية اعجب بالاعمال العارية في الورشة، وفي التحرير حصل العكس، جاء رجل بلباس مدني أنيق، ويبدو أنه يساري كما خمنا وقتها، فقال عن أحد أشكال باقر الغرائبية "هذا يونس محمود"

 

عبر تجربتي الشخصية مع باقر ماجد اشعر أن عملية صناعة فن متقدم لا تتم إلا عبر سياق ثقافي يملك ادوات تلقي تنسجم مع العمل، ليس ثمة فن متقع بلا حرية تتناسب وحرية الفن في تأويل وازاحة الموجودات ودفعها بشكل أخرى، لا يمكن للفن أن يدخل سيرور مجتمع ما لم يكن ذلك المجتمع قد تدرب وربى حواسه على فهم عليه.


إزاء كل ذلك تبقى المحاولات الفردية التي يقمها بعض الفنانين هي التي يمكنها أن تدفع المجتمعات نحو تأمل الفن، وتلفت الانتباه، خصوصًا ونحن نتحدث عن نوع من الفنانين ضاقت اللوحات بأعمالهم فكان نفق التحرير.

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي