loader
MaskImg

حوارات

الأحواز أم الأهواز واسئلة أخرى مع الباحث الأهوازي عبد النبي القيم

breakLine

حاوره : سعيد دهقاني / كاتب وصحافي إيراني

حوار خاص بوكالة نخيل عراقي

 

الاحواز أم الأهواز؟ قلة من الناس يعرفون أن هناك أيضًا معاداة للفارسية بين مجموعات من العرب الإيرانيين. هل هذا الكلام صحيح؟ هذا السؤال وغيره من الأسئلة  طرحتها على مفكر عربي معروف في إيران بكتاباته باللغة الفارسية، واهتمامه بالشأن العربي في ايران، وأحد أهم أساتذة اللغة العربية في إيران. 
أنا سعيد دهقاني، كاتب و صحافي ايراني، مهتم بالثقافة واللغة العربية، طلبت من أستاذ التاريخ الدكتور عبدالنبي القيم،الإجابة عن هذه الاسئلة
و هو كاتب عربي ومفكر أهوازي من جنوب إيران، له العدید من المؤلفات الثقافية وتاريخية.
لقد علمت بالفعل أن الرجل متواضع وعلى الأرجح سيقبل طلبي. ما تقرأونه أدناه هو نص أسئلتي وإجاباته معي:


▪️قبل أن نبدأ حديثنا عن كتبك، أخبرنا ما هي الاهتمامات التي دفعتك للبحث في تاريخ عرب الأهواز؟

-: قبل کل شيء أشکرك جزیل الشکر علی هذه المبادرة. أما بالنسبة لسؤالك عن أسباب کتابة تاریخ عرب الأهواز في الحقیقة أن الکتاب الوحید الذي کُتِب عن تاریخ الإهواز کان کتاب "تاریخ خمس مئة عام لخوزستان" لأحمد کسروي وبما أن کسروي محسوب علی التیار القومي المتشدد في إیران في عهد رضاشاه کتب تاریخنا بإنحیاز تام في البدء کان قصدي نقد کتاب کسروي، لکن بعد الولوج في الکتاب رأیت أنه تحیّز کسروي أکثر من أن نتناوله بكتابة مقال، فبناءً علی ذلك قررت کتابة تاریخ الأهواز في هذه الفترة و من خلال الکتاب أنقد کتاب کسروي وأبین هفواته وتحیزه وأنقد باقي الکتب التي کُتِبت عن تاريخنا. 
وبما أن الکتاب ینتهي بمقتل الشیخ مزعل وتولي الشيخ خزعل الحكم في عام ١٨٩٧م فإن الإقبال الواسع الذي حظي بالکتاب جعل القراء والمتابعين يطلبون کتابة تاریخ الشیخ خزعل من عام 1897م إلى عام ١٩٢٥م والحمدلله فإن الکتابین نالا إقبال ورضا القارئ الأهوازي. 
بعد ذلك کتبت تاریخ مملکة میسان من سنة ١٣٥ قبل المیلاد إلى سنة ٢٤٢ بعد المیلاد، کما تناولت أحد أهم المواضيع الشائکة والمثيرة للبحث والنقاش ألا وهي تسمیة اسم  الأهواز حیث صدر الکتاب في أوائل عام ٢٠٢٠  بإسم "مملکة میسان و أهواز أم الأحواز"


▪️هل تعتقد أن هناك الكثير من الأفكار المعادية للعرب في إيران بحيث توجد عقبات جدية أمام باحث مثلك للدراسة عن العرب الإيرانيين؟

-: نعم، بالتأکید.
کما تعلم النظام البهلوي ما کان يعترف بوجود قومیة عربیة في إیران. الشاه رضا تبنی إرشادات أحد زعماء الحرکة القومیة الإیرانية ومنظر نظریة البان ایرانیسم(پان ایرانیسم) محمود أفشار الیزدي الذي کان یحلم بوحدة الشعوب الآریة آو بالأحری الشعوب الأیرانیة تحت حکم واحد. أفشار وباقي القومیین کانوا متأثرین من الأب الروحي للعنصرية آرثور دو غوبینو الذي کان یحلم بوحدة الشعوب الأرية في أروبا بناءً علی أفكار تأسست الغوبینیة وبعدها النازیة في ألمانيا. وحسب تعلیمات افشار  ینبغي علی الحكم المرکزي عدم الإعتراف بالشعب العربي وطمس کل معالم وآثار العربیة في عربستان(حسب ما جاء في نصه). علماً أن افشار لم یکن معلماً ومرشداً لشاه رضا بل کان الإب الروحي للأحزاب الفاشیة التي تأسست علی نمط الحزب النازي الهتلري بعد الإطاحة بالشاه رضا. ولا تزال هذه العقلیة موجودة عند الکثیر من الإیرانیین حتی بين المثقفین والکتّاب منهم. أنهم يريدون أن نقبل روایتهم عن تاریخنا وعن تراثنا وعن ماضینا ولا یقبلون الحقیقة. کل مساعیهم أن نقدم تاریخاً حسب أهدافهم السیاسیة، تاریخ مصطنع ومزور.


▪️حضرتك قد كتبت في مواقع التواصل الاجتماعي: "تمر أربع سنين من منع توزيع الكتاب "مملکة ميسان"، لا أدري لماذا مُنعَ الكتاب من التوزيع؟

-: الکتاب طبع وصدر في 23 من کانون الثاني عام 2020، بعد عشرة أیام، الکتاب مُنِع من التوزیع رغم وجود تصریح صادر من وزارة الإرشاد. وکما تعلم الکتاب لم یطبع ولم یتوزع في ایران إلا بتصریح الوزارة. راجعت وزارة الإرشاد في طهران مرات عدیدة وعقدت جلسة مع المعنیین وحتی مع رئیس مراقبین کتب التاریخ، وللأمانة الرجل کان موضوعيا ومتعاطفا معي، حیث أوعدني بإعادة توزیع الکتاب. تناولنا موضوع الکتاب أکثر من ساعتین وأنا حامل معي مصادري وکتبي التي أستشهدت بهن، والرجل لم یطرح شیئا وهو لا یدري لماذا مُنع الکتاب من التوزیع. 
مرت الإیام ولم یصدر القرار بتوزیع الکتاب، راجعت الوزارة بعدها مرات عدیدة ولم أحصل علی جواب ولم یقولون لي لماذا مُنِع الکتاب من التوزیع.والی یومنا هذا لا أدري لماذا أخذوا هذا القرار.لکن أعلم أن وزارة الإرشاد لا في طهران ولا في محافظة خوزستان لیس لهم دخل في هذا الأمر.


▪️في أعمالك تزعم أن اسم الأهواز هو الصحيح وليس الأحواز. إذا لم يقرأ أحد كتابك، هل يمكنك أن تخبره بإيجاز عن سبب تقديمك لهذا الادعاء؟ وخاصة للعرب الذين هم قراء هذا الحديث؟.

-: لم أر اسم الأحواز في إمهات الکتب التاریخية ولا في أشعار الشعراء العرب من المخضرمين أو غیر المخضرمين. هذا الإسم طرح في عام 1959 من قبل  الکاتب العراقي من أهل النجف الأستاذ علي نعمة الحلو.  والأستاذ علي لم  یقدم کتاباً أوشعراً من الکتب القدیمة جاء فيه إسم الأحواز. وقبل أصدار الکتاب وعندما  کنت في طور البحث والتدقیق، سألت الأستاذ علي  سؤالاً  وقلت له هل من الممكن أن تقدم کتاباً أو شعراً من النصوص القدیمة جاء فیه أسم الأحواز؟ وهل حضرتك عندك علم بوجود قوم من الآرامیین بإسم بیت هوزي آو بيت هوزایا کانوا في هذه البقعة منذ أکثر من 3000سنة وجاء أسمهم في رقیم داریوس؟ رد علي الأستاذ علي قائلاً: راجع کتاب معجم البلدان لیاقوت الحموي مادة الأهواز.
في الحقیقة الأستاذ علي نعمة الحلو تبنی إجتهاد یاقوت الحموي عن جذر إسم الأهواز؟ وإجتهاد یاقوت لم تؤیده المصادر التاریخیة وأنا أدحضت وفندت اجتهاده في الکتاب بأکثر من خمسة دلائل.


▪️ليس سرا أن هناك معاداة للعرب في إيران. لكن قلة من الناس يعرفون أن هناك أيضًا معاداة للفارسية بين مجموعات من العرب الإيرانيين. هل حاولت تناول هذه القضية في كتاباتك؟

-: مع الأسف المعاداة للعرب موجودة عند الکثیر من الکتّاب والمثقفین الفرس، وعندي دراسة حول هذه الظاهرة وجذورها ترجع الی أواخر القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرین حیث استفحلت هذه المعاداة بعد ما جاء غوبینو إلى ایران وأقام فیها أکثر من ست سنین وطرح نظریة تفوق العرق الآري وفساد هذا العرق وإختلاط الدم النقي الآري بدم العربي الفاسد وأن سبب تأخر وتخلف الفرس هو اختلاط الدم هذا و أن العرب سبب کل مشاکل الفرس.
لکن لیس هناك أي معاداة للفرس من قبل الأهوازیین. لم تر کتاباً أو نصاً من الأهوازیین و باقي العرب المنتشرین في أقاصي إيران یستحقر ویزدري  أو یعادي الفرس. طبعاً الأهوازیون لم یقبلوا إطلاقاً الإساء وتحقیر وسب العرب.
قبل أربع سنین کتبت مقالاً تحت عنوان"جواد طباطبائي و تحریف التاریخ" أي تزویر التاریخ وطبع المقال في مجلة بخارا في الشهر الثالث من عام 1398 شمسیاً. فنّدت مزاعم طباطبائي وبعض إساءاته و إزدرائه للعرب. فبدل من أن یرد طباطبائي علی المقال ویجاوبني ، حرّض جماعته وهم من البان ایرانیستیة حیث نظموا حملة واسعة ضدي وهددوا مدیر المجلة السید علي دهباشي وجاءوا بالإتهامات وإلصاق الإفتراءات وحتی حاولوا قرصنة بریدي الألکتروني. من ذلك الیوم السید دهباشي لم یطبع مقالاً من مقالاتي وحتی مقالي عن صادق هدایت الذي کان عندهم وعملوا له تنضید حروف وکان جاهزاً للطبع لم یطبع.
عندي دراسة موسعة وتحلیل عن بعض الأکاذیب وبعض الإفتراءات الموجودة من فطاحل وکبار الكتّاب الإیرانیین. هذه الدراسة استغرقت أکثر من ست سنین.لکن واجهت تعنتاً وعذاباً  من دور النشر في طهران. الکتاب کان عند أحد دور النشر وبعد سنتین من تنضید الحروف وأکثر من ست مرات مراجعة وتصحیح وحذف وإضافات، الناشر اِعتذر عن طبع الکتاب ولم یقدم دلیلاً علی ذلك. بعدها قدمت الکتاب الی دار نشر آخرى وبعد 18 شهراً الناشر الثاني اعتذر عن الطباعة، ولم یقدم دلیلاً. لکن أنا أعرف السبب. هذا الکتاب یتناول أحد أهم الکتب التي تبث عن الکراهیة والحقد والعداوة تجاه العرب. والکتاب له مبیعات کثیرة وأخیراً وصل الی الطبعة 39  عند السواد الأعظم من القراء الفرس هذا الکتاب حجة وإذ قلت یعبدون الکاتب لست مجازفاً. الکتاب متبني علی أکاذیب وأنا بدلائل واستشهادات بیّنت هذه الأکاذیب. بعض دور النشر أما نتیجة لعنصریته مایطبع الکتاب وبعضهم خوفاً من الأجواء العنصریة ومعاداة العرب یخشون من غضب العنصریین الفرس.


▪️كسؤال أخير، أود أن أعرف ما هي ردود الفعل التي أثارها استقبال كتابك عن مملکة ميسان في العالم العربي؟

-الکتاب لم یترجم الی اللغة العربیة، لذلك العالم العربي لیس لدیه فکرة عن الکتاب. لکن الکتاب عند الأهوازیین نال إقبالاً واسعاً. حیث لم یمر إسبوعاً والقراء یسألون عن الکتاب وطریقة اقتناءهم له. أتذکر قبل ثلاث سنوات أحد طلاب الماجستير في الأدب العربي من أبناء جلدتنا نوی ترجمة الکتاب الی العربیة وتقدیمه بعنوان أطروحة في الجامعة. في البدایة الکلیة قبلت بذلك. لکن بعد أسابیع اعتذروا وقالوا بالحرف الواحد: بما أن الکتاب غیر مصرح به ینبغي علیك تغییر  العنوان وتناول کتاباً آخراً.

بطاقة تعريفية :
عبد النبي القيم معجمي وكاتب عربي ومفكر أهوازي من جنوب إيران، ولد في عبادان عام ١٩٥٦م. له العدید من المؤلفات الثقافية والأدبیة من أهمها «المعجم العربي الفارسي المعاصر»، «المعجم الوسيط العربي الفارسي المعاصر» وكتاب تاريخ عرب الأهواز، بالإضافة إلى مؤلفات أخرى غير مترجمة للعربية، وعدد من الدراسات والمقالات.