loader
MaskImg

حوارات

حوار صحفي مع الناقد المسرحي : أبو الحسن سلام

breakLine

حاوره : حيدر الموسوي

 

النقد الثقافي يعد ظاهرة أدبية جاءت ما بعد الحداثة، وانبثقت هذه الظاهرة كردة فعل على البنيوية اللسانية، والسيمائية، كما وتعتبر ذات أهمية في تحليل النص الادبي والغوص في مفاهيم معانيه المتعددة والمختلفة، وتسليط الضوء على مكامن الرؤى وابعادها التاريخية والاجتماعية، والسياسية، غير المصرح بها علنا، إضافة الى كشف أواصر الارتباط بين المباني اللفظية، والمواقف الفكرية، التي تتجلى على ضوئها المادة النصية. 
وفي هذه المحطة الحوارية وضمن التغطية المتواصلة التي تقوم بها وكالة نخيل عراقي لفعاليات مهرجان بغداد الدولي بدورته الثالثة لــــعام 2022 ، أجرت الوكالة حوارا صحفيا مع أحد النقاد المسرحيين في الوطن العربي ، من جمهورية مصر، أبو الحسن سلام . 
وأبو الحسن سلام ، هو كاتب وناقد ومخرج مسرحي ، من مواليد 20 فبراير عام1941 ، في طما - سوهاج دكتوراه حول (الإيقاع في فنون التمثيل والإخراج المسرحي) 1986 ، أستاذ في علوم المسرح بجامعة الإسكندرية – قسم المسرح - كلية الآداب ، رئيس قسم المسرح بآداب الإسكندرية بدأت ممارساته للمسرح مخرجاً هاوياً في عام 1964م . وهو عضو بنقابة المهن التمثيلية ( نقد) وباتحاد الكتّاب  ، أخرج أبو الحسن سلام ما يزيد على 40 عرضاً مسرحياً  ، وكتب العديد من المسرحيات وعشرات الدراسات المسرحية في علوم المسرح وفنونه ونقده ونظرياته وجمالياته ، أسس فرقة المسرح السياسي 1964م  ، وفرقة مسرح السامر بالإسكندرية 1969 .

 

سؤالي الأول هو :- 
س – كونك كنت حاضرا في الدورة السابقة من المهرجان للعام الماضي، ما الرؤية التي تكونت لديك من ناحية الاختلاف بين الدورتين؟ 
ج – في الحقيقة أنا حضرت مهرجان العالم الماضي مشاركاً في بحث في الندوة الفكرية الرئيسية ومشاركاً بنقد أحد العروض الذي أرسل اليَّ مسبقاً، وهذا العام شاركت أيضا ببحث خلال الندوة الفكرية الرئيسية، كما قمت بنقد أحد العروض الذي أرسل لي في وقت سابق. 
بالتأكيد، لا يوجد أي شك في إن أي مهرجان يتغير ما بين عام وعام آخر، وتحدث في العام الذي يليه محاولات لتلافي أي سلبيات بالقدر الممكن، وهذا ليس معناه أنه لا تتواجد أو تتصنع سلبيات، بما معناه أن لكل حالة ولها طبيعة ما يحدث فيها من على الواقع الميداني من أمور قد تكون سلبية الى حد ما غير مقصودة. 
بالنسبة لهذا العام، فأن عدد العروض أكبر من عددها في العام الماضي، وأيضاً بعض العروض تقريباً خمسة من جملة عروض المهرجان، اشتغلت على "الكروكراف"، الذي يعني الرقص أو التعبير الجسدي الراقص، وهذا كثير.
و منهم من العراق مجموعة قد تكون ثلاثة أو أربعة من العروض العراقية اشتغلت على "الكروكراف"، التي اشتغلت على التعبير الجسدي بالرقص، وطبعاً بالتضافر مع "السنوگراف" .

 

س – ما هو العمل الذي استحوذ على اعجابك من بين العروض المقدمة ؟ 
ج - يوجد عرض في الحقيقة للكاتب العراقي الاستاذ "علي عبد النبي الزيدي" ، هو بعنوان "ميت مات" ، هذا عرض متميز .. متميز من حيث كونه عرضاً مؤلفاً تأليفاً "دراما تورگيا" ، وعندما أقول "دراما تورگيا" ، بمعنى إن أي مؤلف يعارض نصا سابقا ، فهذا هو ابداع لاحق على إبداع سابق ،  وهذا اللون من الكتابة ومن العروض يظل محتاجا لكاتب متميز، ولا يستطيع أن يبدع فيه غير كاتب متميز ومتمرس ، ولابد أن يكون لديه خطاب آخر مغاير لخطاب النص أو العرض الذي هو عمل عليه ، بمعنى ؛ ما يشبه بالكتابة على الكتابة . 
في الحقيقة لا أستطيع أن أقول: (أن علي عمل كتابة على الكتابة حرفيا، لكن هو تناص .. والتناص يعني ؟ أنه أخذ اشياء ، مثل ، علامات أو توظيفات ، وما شابه ذلك من هذا القبيل )، أخذها أخذاً مختلفا أو متفقاً، وغالبا أخذاً مختلفاً ، أخذ من مسرحيتين عبثيتين ، ومسرح العبث ، لصاموئيل بيكيت ، المسرحية الأولى هي "في انتظار غودو" الشهيرة ،  ومسرحية "لعبة الموت" ، لكنه ركز كثيرا على بعض العلامات من "في انتظار غودو" ، وهذا لا يعيب الكاتب .

س - وهل هذه لا تعتبر اعابة للكاتب ؟  
ج - لا ، بالعكس ،  لا يوجد أي عيب لأنه ينتفع في نصه ببعض العلامات ، مثلا ، أخذ قبعة هو لم يستخدمها بنفس الاستخدام الذي كان مستخدماً في شخصية "فلادي مير" ، في مسرحية "في انتظار غودو" ، كانت القبعة في رأس "فلادي مير" ، وكان أحياناً  يحركها ، وهذا يشير الى وجود شيء في رأسه ، أو إنه يفكر ، وهنا استخدمها معلقة على طرف المقعد أو الأريكة . فلا نستطيع أن نقول إنه لم يستخدمها، لا 
استخدمها، ولكن أتى بشيء من العرض أو من النص السابق. 
هو تصرف بها تصرفا مختلفا، استخدمها استخدام موضع فقط، وضعها بجانبه.

 

س - هل في نظرك أن هذا النص كان مميزاً من بين العروض ؟ 
ج/ - بالتأكيد ، مميز في كل المقاييس  ، من ناحية الإخراج والتأليف . 
ولو كنت في اللجنة لما أعطيت الأول لغيره .
لكنني لست مع أن يكون المؤلف هو من يخرج لنفسه.

 

س – لماذا لا يؤيد أبو الحسن سلام أن يكون المؤلف مخرجا ؟ 
ج -  ما الجديد الذي يريد قوله المؤلف لو أصبح مخرجا ، أنت قلت ما تريد ، تحدثت بكلمتك ، أما الإخراج فهو فن ثاني ، والفن الثاني له مناهج ، والمنهج يحتوي على النظرية وتطبيقها .


س - إذا جمع الشخص بين الاختصاصين ؟ 
ج – اذا جمع بين الاثنين أذن ماذا سيكون ؟ 
 سوف يترجم نفسه، وان الذي قلته على الورق سوف تترجمه على خشبة المسرح بالحركة والصور.

 


س – حتى وان خرج عن ذات المؤلف التي يعمل بها، وانتقل الى ذات أخرى ؟ 
ج – حتى وان خرج عن ذاته سوف يكون الخروج هامشياً، وهل يمكن أن أغير فكري؟ 
بمعنى، أنا من صنعت هذا الخطاب، وأعطيت المعنى لما أريد أن أصل اليه وبأدوات معينة، (أدوات مسرح)، أذن ماذا سأقول بعد ذلك، وأنا عبرت عن الذي أريد ايصاله من خلال النص على الورق. 
فالخطاب هو خطاب واحد، وفي النهاية الذي يكتب مقالا لأجل أن يعبر عن موقف ما وإيصال فكرة ما، أو يكسب رأياً عاماً في هذا المجال لو استطاع، فالأمران متشابهان، كاتب المسرح أو الشاعر أو أي شخص آخر، عندما يقدم شيئا فهو يريد أن يقول شيئا ما من خلال ما عبّر عنه بطريقته الخاصة في الكتابة.  
في النهاية أنا قلت ما أريد في النص المسرحي، أذن ماذا سأضيف عندما أعمل على ترجمته في الإخراج؟

المحاور – أذن أنت تريد استقلالية الاخراج عن التأليف. 
ج – وهذا هو الأفضل. 
ويجب أن يكون لديَّ اخراج مفسِّر، فعندما يكون الإخراج مستقلا سوف يأتي بشيء جديد، سوف يسرد حكاية أخرى موازية لما قاله المؤلف. وهناك اخراج مؤول، في هذه الحالة سوف أطرح رؤيتين أو أكثر إضافة لما طرحه المؤلف. 
والمخرج التأويلي، سيخرج بمعاني متنوعة، وبلغات مختلفة، وأساليب أخرى.

س- في العروض المسرحية لهذه السنة وهذه الدورة ، هل ترى هنالك رسم لملامح حداثة جديدة أو انتقاله في الفن ؟
ج -   نعم فيها حداثة . 
ولنعرف ماهي الحداثة؟ 
الحداثة: - هي أن يصلك من الشيء الواحد معاني  متعددة بعدد المتلقين ، وأن ما قبل الحداثة كل ما هو عادي . 
إنما في الحداثة يوجد اختلاف، مثلا ، أنا اختلف عنك وغيري يختلف عن غيره وعن غيره ، وثقافتي تختلف عن ثقافتك ، وكل شخص وله ثقافته .
فطرح الموضوع سوف يكون مفهوما ومُستَقبلا بثقافات متنوعة ومختلفة، كل شخص سوف يتلقى الطرح حسب ثقافته، وبهذه الحالة ستصل الفكرة مختلفة ومتعددة، وهنا ستتعدد الرؤى في المفهوم.

 

س – كلمة ختام؟
ج – أولا، شكرا لك، وأشكر العراق بلد الحضارة، البلد العريق الذي يمتلك عمقا تاريخيا كبيرا، وأشكر أدارة نخيل عراقي، كما أتقدم بالشكر، بدأ من أحمد حسن ، والدكتور رياض سكران ، وعلي سويدان ، و كل الذين شاركوا في عودة مهرجان بغداد المسرحي ، وأشكرهم لدورهم وجهودهم الكبيرة في  استضافة عدد كبير من فرق بلدان العالم المختلفة ، بما فيها ليبيا في ظل هذا الظرف الذي يتعذر على أي دولة ،  وتقبّل الوفد الليبي أن يأتي  ويبادر في مشاركته في العروض .