loader
MaskImg

حوارات

حوار مع القاص والروائي إسماعيل سكران

breakLine

القاص والروائي اسماعيل سكران :
الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر هيمنة وعلاقة التاريخ

 

 

حاوره - عدنان الفضلي

 

 

يعدّ القاص والروائي والمترجم إسماعيل أيقونة سردية عراقية، وأحد أبرز الأسماء التي إشتغلت على ربط التاريخ بالرواية، كما أنه أحد الذين إشتغلوا على المكان في سردياتهم، وشخّص ذلك كثير من النقاد الذين كتبوا عنه منجزه وتجربته، وقد قدم منجزاً كبيراً نستذكر منه  (النثار) مجموعة قصصية صدرت عام 1977 و (رفات الملائكة) قصص صدرت عام 2001 و(مدينة الرخام) قصص ، 2008 و (القادمون فجراَ) قصص ، 2008 و(الأرنب البري) قصص أطفال مترجمة ، 2008 و(طقس مؤجل قصص)  2009 و(البحيرة الخالدة) قصص أمريكية معاصرة ، ترجمة ، 2012 و(زهرة اللؤلؤ) قصص ، 2014 و(جثث بلا أسماء) رواية ، 2015 و(هزار) رواية ، 2016 و(كرات الثلج) قصص ، 2017 وللغوص أعمق في عالم اسماعيل سكران كان لنا معه هذا الحوار..

 

* متى إنطلقت رحلة السرد عند اسماعيل سكران؟ 


- بدأت  متأثرا بموجة التجريب الستيني حيث  تعلمت من  محمد خضير و احمد خلف  وعبد الرحمن مجيد وعبد الستار ناصر وغيرهم  الذين  اضاءوا لنا   طريق  السرد. وبدأت الكتابة مطلع السبعينات من القرن الماضي حيث نشرت لي أول قصة قصيرة في طريق الشعب عام 1973  وكانت بعنوان الضفة الأخرى من النهر . وكنت حريصا على الاستئناس برأي الاخرين عندما انجز قصة . غالبا ماكنت اعرض  ما أكتبه على الناقد ( فاضل ثامر) وقد أفادني كثيرا بنصائحة وتوجيهاته حيث قال لي أمامك طريق طويل لتقطعه  فثابر على تنظيم قراءاتك وهكذا ثابرت على قراءة نصوص من القصة القصيرة والرواية من الأدب العراقي والعربي والعالمي كما تأثرت كثيراً بنجيب محفوظ  وارنست همنغواي  وانطوان جايكوف وجيمس جويس . وبذلت مجهوداً كبيراً  لكي أكون في مكانة مناسبة أكون فيها قادراً على إثبات وجودي  .  وتعلمت من كل قاص عراقي كتب القصة القصيرة والرواية . وقد نشرت ببعض القصص القصيرة في الصحف العراقية وفي مجلة الطليعة الأدبية  وحصلت على الجائزة الاولى في احدى مسابقات القصة القصيرة وصدرت عام 1976 أول مجموعة قصصية بعنوان ( النثار) توقفت عن النشر أثناء الحرب العراقية الايرانية  فقد تحولت الثقافة حين ذاك الى نشاط تعبوي لخدمة أهداف النظام السياسي  لكنني  لم أتوقف  عن الكتابة  فقد عدت بعد عام 2003 بنشاط ملحوظ حيث أفادني الخزين القصصي  الذي ادخرتة  وباشرت بنشرة تباعا .


* ما هي الأدوات الأهم التي يحتاجها السارد لينتج نصوصه؟

 


- هنالك العديد من النظريات المختصة بالسرد فبعد أن غادر القاص المرحلة الكلاسيكية والرومانسية بدأ بالبحث عن أشكال تعبيرية أخرى تتناسب مع المرحلة التاريخية التي يعيشها فوجد كماً هائلاً من التنظير السردي كالواقعية الاشتراكية والواقعية السحرية والواقعية الاجتماعية ونظريات الحداثة وما بعد الحداثة على يد جاك دريدا في التفكيكية ورولان بارت في  البنيوية خاصة وأننا لا نمتلك  تراثاً قصصياً يمكن الإعتماد عليه أو استلهامه لذا اضطر السارد الى الإعتماد على ماتجود به الترجمات عن الأدب الغربي . لذا أعتقد  أن الأدوات التي يحتاجها السارد يحددها الحدث والشخصية والزمان  .فأنا احيانا أميل الى التجريب كما فعل القاص الستيني  وأميل الى  الميتاسرد والجأ في بعض الاحيان  الى الحداثة . فالأداة تحددها طبيعة القصة القصيرة أو الرواية  . فبعد هذا الكم من التنظير الادبي انفتحت امام السارد افاق عديدة وادوات مختلفة تتناسب مع وظيفتة الفنية والفكرية والجمالية وخاصة بعد انتشار ظواهر الميتاسرد والبولفونية والواقعية السحرية والتفكيكية والبنيوية  وغيرها من النظريات الادبية التي سهلت مهمة السارد  فلم تعد الأدوات القديمة كالواقعية الإجتماعية والواقعية الاشتراكية  قادرتين على استيعاب مشكلات العصر الحديث  فبدأ السارد بالبحث عن تقنيات  وأشكال جديدة وفرتها له نظريات الحداثة وما بعد الحداثة فضلا عن استعانتة بوسائل وأدوات تعبيرية جديدة اخرى . مثل فن السينما وفن المسرح لتعمق الرؤية الجمالية للنص 


* تركز على المكان كثيراً .. هل تحاصرك الأمكنة دائماً في نصوصك؟


- المكان أحد شروط أو عناصر البنية السردية وهو الحاضنة المهمة للحدث والشخصية . وبالتأكيد أعبر عن التصاقي وحبي للمكان الذي يرتبط في وجداني بذكريات وأحداث ذات تأثير مهم في تكويني الفكري والشخصي .وكما قلت فهوا العنصر المهم في عملية السرد دائما ما أركز على الأزقة والحارات القديمة في مدينتي لأنها تحتضن شخوص معظم قصصي والكثير من هذه الشخصيات شخصيات حقيقية ارتبطت معها بعلاقات عاطفية . نعم دائما ما أكون محاصراً تحت ضغط المكان  فهي جغرافية مأهولة بالسكان  فيها علاقات والتزامات  وتفاعل اجتماعي  تنبثق منه الية الاشتغال الاجتماعي والمشكلات الاجتماعية  وتنموا فيه الشخصيات وتتطور . وتنموا فيه ايضاً بنية الحكايات والعلاقات المعقدة  والمؤثرات الخارجية الاخرى على المكان . وربما يكون المكان أيضا شاهداً على العديد من الأحداث  والشخصيات التي انسلخت عنه 


*  يتوزع مشروعك الإبداعي بين القصة والرّواية .. في أيهما تجد نفسك أكثر؟

 


- في البدء  وجدت القصة القصيرة هي الوسيلة التعبيرية المناسبة لطرح افكاري في السياسة  وفي مايتعلق بالواقع الاجتماعي ومايفرزه من أحداث وشخصيات  نعيش معها ونتأثر بها . وقد أنتجت ثمان مجاميع قصصية  لقيت استحساناً من القراء والنقاد على حدا سواء وقت كتبت عني رسالة ماجستير بعنوان  (الإستهلال في قصص اسماعيل سكران ) في كلية التربية جامعة واسط  بعدها بدأت بكتابة الرواية وصدرت لي ثمان روايات هي الاخرى وجدت صدى طيب لدى القراء والنقاد حيث كتب عني الناقد ( فاضل ثامر) والناقد ( سمير الخليل) والناقد ( علوان السلمان) والدكتورة ( نادية هناوي) والدكتور ( عقيل مهدي) وغيرهم .لقد وجدت نفسي في النهاية في الرواية ولا زلت مواضبا على انتاج الروايات 


* تهتم بالتاريخي خلال السرد .. هل هو حنين الى الماضي أم توظيف يخدم النص؟


- طبعا هناك علاقة بين الرواية والتأريخ وهذه واحدة من الإشكاليات الثقافية التي تواجة الثقافة العربية فقد باتت الرواية هي الجنس الأدبي الأكثر هيمنة وعلاقة التاريخ بالرواية وليست علاقة عرضية  وليس معنى اهتمامي بالتأريخ هو الحنين الى الماضي فلكل زمان جماله وقبحه فلا حنين الى الماضي لكنني مقتنع أن الواقعية في العصر الحديث استلهمت التأريخ وافادت من احداثه خاصة بعد ضهور اتجاه (الميتاسرد)  الذي يكشف لنا عن وجود نص حكائي سردي  داخل الرواية كأن يلجأ الراوي العليم الى اضهار الوثائق والمخطوطات التاريخية في قلب الفعل الروائي . وهي مسألة طبيعية باعتبار أن هنالك علاقة بين الماضي والحاضر فلا يمكن فصل احدهما عن الآخر لانهما .. أحدهما يكمل الآخر وكثيراً ما قالوا أن التأريخ هو رواية وأن الرواية هي تأريخ . كما أكد الناقد جورج لوكاش في كتابة ( الرواية التأريخية) فالروائي يدخل الى التأريخ من بوابة الحاضر من خلال مرويات وحكايات  واستذكارات . كما فعل عبد الرحمن منيف  في (  مدن الملح) واحمد خلف في ( تيمور الحزين ) ومهدي عيسى الصقر في (المقامة البصرية) وعلي بدر في ( بابا سارتر) . الرواية تأريخ بديل شريطته ان لا تهيمن أحداثه على بنية السرد لقد وظفت التاريخ في روايتي ( جثث بلا اسماء) الصادرة عام 2015لخدمة الحدث الروائي بأسلوب روائي يخضع لسلطة المتخيل السردي ولقيت تلك الرواية قبولاً جيداً لدى العديد من النقاد والقراء على حد سواء  فقد كتبت عنها ثمان دراسات نقدية لكبار النقاد العراقيين حيث أشارو جميعا انني ارتقيت في هذه الرواية فنياً وبنيوياً ما حفزني ذلك على انتاج سبع روايات لاحقا هي( هزار, فردوس أمي, معزوفة العنف والخراب, دخان المرافئ , مصحة الوادي, نزلاء في محيط أخضر) حرصت فيها على انتهاج تقنية الحداثة .

 

 

* هل أنصف النقد منجزك السردي؟

 


- شخصيا  أشعر بالرضا في ما يتعلق برأيي النقاد  في منجزي السردي  افدت كثيرا  من رأي النقاد وكنت دائما استنير بأرائهم  . انا احترم النقدية العراقية والناقد العراقي لانه يتعامل مع النص بحرفية وذكاء  لكنه لم يستطع مواكبة الكم الهائل من النصوص السردية التي صدرت في الاعوام بعد (2003) لكثرتها طبعا وخاصة أدباء المحافظات لم يحضوا بأهتمام النقاد الا ماندر  ومع ذلك  فالناقد العراقي ناقد متميز على مستوى الثقافة العربية ولدينا اسماء مهمه  فرضت شخصيتها في الافق الثقافي العربي . فقد قال الناقد فاضل ثامر  في كتابة ( التأريخي والسردي) أن الجديد في عالم اسماعيل سكران  ينهض على مفارقة غريبة  فالعالم الذي نراه متشكلا من نسيج الخيال  فان معظم أحداث الرواية وشخصياتها هي حقيقية وواقعية.

 

* كيف تقرأ واقع السرد العراقي بالقياس للتجارب العربية والعالمية؟


- استطاع السرد العراقي  في القصة والرواية أن يدخل في دائرة إهتمام الثقافة العربية .ويبدوا ذلك جلياً من خلال إهتمام القارئ العربي بالنص السردي العراقي باعتباره  ينطلق  من أرض ساخنة الأحداث  ليس هذا فحسب فقد حاز السرد في المسابقات العربية على جوائز أدبية متقدمة .وأسماء معروفة لدينا حصلت على جائزة سلطان العويس على جائزة الشيخ زايد وجائزة البوكر وكذلك  المسابقات الأدبية في مصر وتونس  ولبنان حيث  أكدت السردية العراقية حضورها  في هذه المحافل . فواقع السرد  العراقي الآن  متقدم على غيره من النصوص العربية الأخرى  وهذا ليس انحيازاً  بل هو واقع معروف في الوسط الثقافي العربي من خلال إقامة  معارض الكتب  حيث يشارك العراق  بقوة في هذه  المعارض من خلال مطبوعات اتحاد الأدباء او من خلال مطبوعات دار الشؤؤن الثقافية  او مكتبات ومطابع  المتنبي.

 


*  وماذا عن الترجمة ؟

 


- قمت بترجمة بعض المجاميع القصصية عن الإنكليزية فقد ترجمت ( البحيرة الخالدة ) وهي قصص أمريكية معاصرة لمجموعة من الكتاب الأمريكان فضلا عن ترجمتي  للمجموعة القصصية ( آدم ذات ظهيرة) للكاتب الايطالي ايتالو كالفينو وترجمت مجموعتين قصصيتين للاطفال ( الأرنب البري) و ( الدب الثلجي) .