loader
MaskImg

حوارات

هند عيسى : روحي متحف ممتلئ بالحيوانات والآلهة والرجال والنساء

breakLine

هكذا تعرِّف الشاعرة المصرية هند عيسى روحها ف للشعر تعريفاته المختلفة التي تعتمد على رؤية الشاعر للكتابة والحياة، لكنه يبقى هذا الفعل الذي ننجو به بالصدفة والحظ والكثير من التجربة، والحوار مع أي شاعر هو أشبه بأن تغوص في عمق بحر لتعرف أسباب غرق قوارب مرّت بأمواجه ونجاة أخرى، أو محاولة لجمع ضفتيه لكي تطمئن فقط انك ما زلت على اليابسة، لكن يبقى للشاعر كلمة ك عصا موسى يشق طريقا في البحر ويذهب بسلام إلى الجانب الآخر بلا بلل ويترك الجموع يعصرون ثيابهم بعد إغلاق موجتين على حيرتهم وعلامات استفهاماتهم العديدة. 
واليوم حوارنا مع الشاعرة المصرية 
هند عيسى، الحاصلة على شهادة بكالوريوس من آداب قسم اللغة الفارسية والتركية
والتي شاركت بعدة قصائد في الديوان الشعري الشمال أفريقي.
عملت على ترجمة العديد من القصائد من اللغة الفارسية إلى العربية،منها قصيدة للشاعرة فروغ فرخ زاد"ايمان بياوريم به آغاز فصل سرد"
لصالح مجلة أنطولوجي،  بالإضافة لقصائد مترجمة لم تُنشر  مثل "الجمعة الصامتة"، 
"و ربما الحياة"  و "نافذة". 
نشر لها العديد من النصوص في  الصحف والمجلات المصرية والعربية ومنها نصوص في مجلة نخيل عراقي .

حاورها - حسين المخزومي

هل الحياة بالنسبة لكِ نهر ، أم تلك الوردة التي تنمو وتذبل قرب النهر ؟

الحياة أصلها من زمن وماء طبعاً ، تلك الوردة الذابلة ربما عاشت عمرا كاملاً في يوم،الحياة ليست ثيمتها تلك الوقتية أو ذلك الحصر المحدود.

 

ماذا تتمنين أن تجدي في الكتاب قبل أن تقرأيه؟


كل الكتب التي لم أستطع أن أتخطاها من فرط جمالها كانت تحمل روح كاتبها بالكامل ودمه ، الكاتب الحقيقي يحفظ روحه بالكامل على الورق ، هكذا يحتفظ بروحه مؤرخة كما هي إلى الأبد  دون أن يطأها صدأ الزمن ، صفقة رابحة على الأغلب، أي ما لن تجده محصورا في مجال بعينه.أي يستخدم كل شيء للحديث عن شيء بعينه، 
مثلاً روبيرت بيرتون قام في كتابه"تشريح الكآبة" بتشريح طبي وفلسفي وتاريخي وشعري وربطها كذلك بعلم التنجيم والظواهر الجوية وعلم النفس وعلم الخداع مازجاً الجد بالهزل،أعني هكذا يجب أن يكون الجمال.


ماذا سيخرج من قبعة الساحر لو أنك أعطيته سر قلبك؟

لا أعرف ، 
ربما أشياء لن يحب أن يشاهدها الجمهور ، ليست عرضاً مُسلِّيا.

كيف تصفين اللحظة الأولى حين عرفت أنك تجيدين الكتابة؟

وجدت سحري الخاص وقوتي وضعفي كذلك،كالدهشة القديمة الأولى،تماماً كشعور أول من اكتشف النار،كما لو أن العالم قد خلق للتو.

 

هل النص الذي تكتبه المرأة في موضوع ما
هو نفسه الذي يكتبه الرجل في  الموضوع ذاته ؟

انظر، لست معتمدة للتصنيف الچيندري في الشعر ، الروح تكتب وترى وتوثق،أؤمن بأن روحي متحف ممتلىد بالحيوانات والآلهة والرجال والنساء،هي من تقرر من سيكتب بالضبط

 

بعد اكتمال النص،
هل تدققينه مثل أُمٍّ تعدل فستان ابنتها قبل ذهابها لحفل ما؟ 
أم هل تتركينه عاريا كطفل جاء توا للحياة؟

لايستهويني الشعر المصنوع،أظننا نهرب كفاية من كل ماهو مصنوع ومتعقل،يكفي أن يُولد ثم تزيل عنه سائل المخاض،يعني مجرد حذف لكلمات او إضافات صغيرة لا أكثر.


ما شكل الكلمات في النصوص السرّية التي ترمينها من نافذة سيارة مسرعة كي لا يقرأها أحد؟

كلمات تفضل أن تكون صامتة وغير مُكتشفة.هكذا تكون أكثر شاعرية وبقاءً ،يجب أن تطيع رغبتها مهما كان الإغواء،يعني لم يُكتَشف لها لغة ولا قاموس بعد لكنها هائلة الجمال،ذلك ما يدفعنا للاستمرار بالكتابة.أليس كذلك؟

نعم، وهذا يحيليني لسؤال، 
هل تفعل هند الشعر أم تكتبه فقط؟

أكتشفه. 
لا أحد يفعل الشعر،الشعر يستخدم حساسيتنا ليظهر لا أكثر. 
يأخذ شكل عيني فقط وإيماءاتي ، أي يستمر في سفره لكن كل مرّة بوجهٍ مختلف


ألا تعتقدين أن هناك سلوكا شعريًّا، 
وهناك شواهد كثيرة لشخصيات نجد أن حياتهم شعرية؟

بالفطرة نكون أكثر شاعرية ونحن أطفالاً لكن مع الحياة اليومية نكبح ذلك كي نبدو أكثر جديّة ،غير أن تلك الشاعرية لاتختفي أبداً حتى مع أقسى الأشخاص قلباً.


ماذا يكون الشعر قبل أن تكتبيه  بنص؟

يشبه المواد الخام الأولى ، ويشبه قاموس صامت هائل الحجم ، 
كل كلمة على حدة تخلف أثراً وعلامة بي أنا أَصُفُّ الكلمات المناسبة بجانب بعضها لا أكثر،انظر مثلاً لكلمة حنان،تؤثربي هكذا وحدها، 
أنا مغرمة بالكلمات،العربية واللاتينية خصوصاً،أحتفظ دائماً بقاموس معي،هذا هو مدخلي.

وكيف تُعرّفين الكتابة؟

يأتيني صوت هكذا غير مسموع،ينبهني بوجودها،أترك أي شيء بيدي وأستمع.


هل تكتمل أدوات الشاعر بالقراءة والكتابة المستمرة، أم هل  الموهبة التي تأتي بالشاعر كاملا بدون الدخول في حقل التجربة والدربة؟

انظر، ذلك السؤال قرأته كثيراً من قبل ، والأغلب مُتَفِقٌ على أن الكتابة المستمرة تُنضِّج أدواتك أكثر وتستكتشف مناطق جديدة وتخلق الشعر وتحافظ على مساره ، لكن أنا أرى أنه لا قواعد أبداً في ذلك . 
نعم الموهبة بالأساس لكن بإمكانك التوقف عن الكتابة لشهر أو اثنين أو سنة ثم تعود له كأنك غبت لحظة.لا يوجد مايسمى بالزمن أو الوقت في الشعر بالنسبة لي.
أما القراءة ف هي أداة لاتتعلق بالشعر فقط،أداة أساسية ويومية وثابتة

متى بدأتِ الكتابة؟
وهل سنرى مجموعتكِ الشعرية قريبا؟

لنقل أن محاولاتي المأخوذة في الاعتبار كانت من سن السابعة عشر.
ونعم ،أجهّز لنشر أول ديوان شعري لي قريباً جداً.


ما الأثر الأكبر الذي بلوَّر رؤيتكِ وأفكاركِ؟ قراءة الكتب أم التجارب الحياتيّة؟

كل شيء أوليه انتباهي يساهم في ذلك بشكل ما. الكتب ، تجاربي ، أشخاص قابلتهم ، أشخاص لم أقابلهم ، لكن الأكثر تأثيراً على الإطلاق ، الأشياء الغائبة والضائعة التي لن ولم أكنها ، لأقول كذلك أن رؤيتي لم تتبلور بعد،أستمتع بذلك التشوش المتداخل ويرضيني.


لماذا كتبتِ قصيدة النثر بدلا من الأشكال الشعريّة الأخرى؟

لأنني أحب الجمال الذي يأتي من اللاشيء،هكذا غير المتوقع قدومه، لا تدعمه بوزن ولا قافية ، لحن سري وغامض لا يكشف عن نفسه بهذا القدر من الوضوح،
لا أحب أن يُملى عليّ ما يجب فعله في الكتابة ، حتى لو كان من قبل اللغة.
هذا لايمنع أن لي قصائد مفضلة من الشعر المقفى طبعاً.


بماذا تختم هند عيسى قولها للحياة وللشعر ولنفسها ؟

الثلاثة سيان عندي ، لا أنتظر منهم شيئاً ، مع ذلك سأظل أعاود الكتابة دائماً ، والحياة ربما.