loader
MaskImg

السرد

يعنى بالسرد القصصي والروائي

بُوصِلة عمري المقلوبة

breakLine

 


فاتن إبراهيم حيدر | شاعرة وكاتبة سورية

منذ سنواتٍ ليست بالقليلةِ، ولست أذكرُ بدقةٍ في أي عامٍ، ولكنّ كلَّ الذي أدركه وأتذكره من الماضي أنني سابقاً كنت أمشي في الشارع، ومئاتُ الأشياءِ تلفتُ نظري: الألعاب، الأطعمة، لوازم المدرسة والحلويات. وبعدها بعدة سنوات أصبحتُ أبحثُ عن اهتماماتي كأنثى، فأقفُ على محلاتِ الألبسة والمكياج وكلِّ ما يُجمِّلُ الفتاةَ وأحلم وأتمنى أن أمتلكَ كلَّ ما تراه عينايَ، وكنتُ أسيرُ وكلّي نشاطٌ وفرحٌ وأملٌ بأن القادمَ أجملُ وسيحقق لي كلَّ أحلامي.
ها قد تجاوزتُ الأربعينَ، ومنذ أن دخلتُ هذه المرحلةَ تغيّرَ كلُّ شيءٍ، فلم أَعُدْ تلكَ الفتاةَ المرحةَ ولم أعد تلك الأنثى الحالمةَ، فقد أصبحتُ أمشي من بيتي إلى أبعدِ الأماكنِ (مهما كانتِ المسافةُ ) دون أن أرى شيئاً أو أتوقفَ عند شيءٍ، ولم يعد يلفتُ نظري ما تعشقُهُ الأنثى، بل لم أعد أرى الناسَ من حولي، لدرجةٍ أنني أذهبُ وأعودُ دون أن أفكرَ بالطريق فقدماي تأخذاني إلى الأمكنةِ دون تشغيلِ عقلي ، لأنه منشغلٌ بأمور أخرى، وكي لا أبالغَ، ربما يلفتُ نظري منظرٌ طبيعيٌّ مميزٌ، كوردةٍ متفتحةٍ فأعجَبُ بها ، وأنحني لأصوّرَها بمحبةٍ وشغفٍ..
ما الذي تغيَّرَ وما الذي حدث؟ ومن هو السبب في وصولي إلى هذه الحال؟ ألف سؤال في ذهني بدون إجابة!
ربّما يكون الرجلُ هو السبب في قلبِ بوصلةِ حياةِ المرأةِ، للأفضل أو للاسوأ..
متى سأحقق ما كنتُ أحلم به منذ أن كنت طفلةً، مع أن أحلامي ليست أكبرَ من إمكانيةِ تحقيقها وليست مستحيلة...؟