loader
MaskImg

ديوان نخيل

يعنى بالنصوص الشعرية والادبية

شهقة الزعفران

breakLine

نزار النداوي || شاعر عراقي

 

 
‎وكما الحياةُ
‎كما الطقوسُ
‎كما الرحيلُ
‎تَماهياً بالحُلْمِ في صدرِ السّفينةِ
‎جاءَ يخترقُ المسافاتِ القصيّةَ
‎مُدمناً يسْتحضرُ اللّحظاتِ
‎ترفُلُ بالصّباباتِ العتيقةِ
‎ذاكَ قلبيْ
‎مرّ نصفُ اللّيلِ عُمْراً
‎وهْوَ يحملُها حقائبَ مِنْ حنينٍ
‎يستفيضُ الشّوقُ منها لهفةً
‎تعبَتْ حقائبُهُ
‎وما تعِبَ الحنينُ
‎إلى الحكايةِ أولَ العمرِ الغريرِ
‎وصُحبةٍ طبعوا على وجهِ المسافاتِ البهيجةِ
‎قهقهاتٍ أربكتْ جدرانَ حارتِنا
‎إلى النّهرِ استراحَ
‎ونامَ خلفَ بيوتِنا
‎ما زالَ مِنْ ألقِ الحياةِ
‎بقلبهِ نبضٌ دفينْ
 
‎ما زالَ فيه لأوّلِ الأقمارِ
‎تصعدُ في بهاءِ الصّيفِ فوقَ سطوحِنا
‎قمرٌ جنينْ
 
‎قمرٌ يحنُّ إلى الزّقاقِ
‎مضمخاً بالوجْدِ
‎بالمطرِ الغزيرِ
‎الوجدُ يغسلُ أمهاتِ الصّبيةِ
‎المنثور ِـ في وسط الزقاق ـ صراخهم
‎الأمهاتُ كتبنَ للنّهر القصائدَ
‎إنّما واعدنَهُ سرّاً  
‎وسرّاً رِحْنَ يسرقنَ الخُطا
‎وكأنْ تأخرَ موعدٌ
‎أعطينَهُ للنّهرِ في وسَطِ الزّحامِ
 
‎الأمهاتُ بحيّنا
‎يخْجَلنَ مِنْ بوحِ المرَايا
‎أنْ يفيضَ العطرُ منها
‎كنّ يخشَينَ انفضَاحَ المسْكِ
‎يغمِرُ قلبهنّ
‎يقالُ: حلّفْنَ النّوافـذَ
‎لا تعلقَ سرّهُنَّ على جدَارِ البوحِ
‎واكتضَّ الغرامُ
‎وليلةٍ أسْرفنَ
‎لولا خِفنَ ظلّ العشْقِ
‎أنْ ينْشقَ عنْ خَلَوَاتِهنَّ
‎وفي زُقاقِ الحيِّ
‎يندلقُ الكلامُ
 
‎وحينَ واعدْنَ اجتراحَ الموجِ ذنباً
‎قيلَ: أوصينَ انسيابَ النّهرِ
‎يعبِرُ في أزقّةِ حيّنا
‎أن لا يدققَ بالتّفاصيلِ الصغيرةِ
‎لا يدققَ بانحناءاتِ الرّمادِ
‎على اجتراحاتِ انطفاءتِهِ الأخيرةِ
‎أذكُرُ النّهرَ استفاضَ بحيّنَا
‎كمْ كانَ معطاءً، وكنّا
‎كانَ يصعدُ قلبَنا في اللّونِ مِمْحاةً
‎فنُنْزلُ فعلَ ذاكَ المحموِ معنَى
‎أذكرُ النّخلاتِ أفياءً
‎وكيفَ الطّيرُ أعلى النّخلِ غنّى
‎أذكرُ الجُدرانَ
‎والأسماءَ
‎والأبوابَ
‎والقلبَ المُعنّى
 
‎صِبْيةً كنّا
‎وكانتْ ابنةُ الجيرانِ
‎تحزمُ شوقَها للماءِ
‎أشجاراً مِنَ الرّمّانِ
‎تُرْسلُ نصفَهُ للرّيحِ  أحْلاماً
‎وتتْلو نصفَهُ الثّاني على شَبَقِ المرَايا
‎وهْيَ تَسْتَدْعي احتشادَ قميصنَا بالياسمينِ
‎طَغى، فمرَّ بجوعنا
‎مِنْ حيثُ شاكسْنَا السّراويلَ الصّغيرةَ
‎آه مِنْ تلكَ السّراويلِ الصغيرةِ
‎آه مِنْ غُرٍّ
‎تعلّقَ نقطةً أنثى ًمثيرةً
 
‎استَوى مُتَهَدِّلُ الأزرارِ
‎عُنقوداً نَديّاً
‎واستفاقَ السُّكّرُ المخبوءُ في حبّاتهِ
‎مَنْ يُمسكُ الغيماتِ مِنْ أردانِهَا
‎أنْ لا تَجَاوَزَ حيّنَا
‎يا حيّنا، اسْتَبِقِ الغمامةَ
‎فَهْيَ مُثْقلةٌ مطيرةٌ
 
‎اسْتفاقَ الماءُ فينا
‎كَمْ شرِبنا
‎وشرِبنا
‎وشرِبنا
‎ثُم ّلمّا استيقظتْ فينا العَصافيرُ
‎انتظمْنا خارجَ السّربِ
‎غواياتٍ خَبَايَا
‎وكبرنَا فجأةً
‎جئنا زماناً ناهزَ العشرينَ فخّاً
‎كلّ ما فيه اشْتهاءٌ
‎فارْتبَكْنا
‎قالَ فخّ لبناتِ النّفسِ:
‎- نكتُبُ
‎- ما سنكتبُ؟
‎- نكتبُ العشقَ ارتجالاً
‎يومَهَا ما كانَ منّا مَنْ يقولُ الشّعرَ
‎لكنْ لحظة ٌللشّعر حانتْ
‎لحظةٌ للقلبِ حانتْ
‎فارتمَيْنا بينَ أحضانِ القصيدةِ
 
‎أُسْقِطَ الحيّ بأيدينَا دهاليزَ انتشاءٍ
‎لمْ تعُدْ أبعادُه تكفي لمَرْمَى قُبْلَتَينِ
‎ولمْ تعُدْ تكفي لمَرْمى نَزْوَتَينِ
‎ولمْ تكُنْ
‎ثمّ ارتبكْنَا مرّةً أخرى
‎فقد كانت رُؤى الدّنيا جديداتٍ علينا  
‎كلّ ما فيها اكتشَافٌ
‎وقعُ أقدامِ المقاديرِ على العشبِ
‎اكتشافٌ
‎فتنةُ أولى ومَا بعدُ
‎اكتشافٌ
‎شهقةٌ أولى ومَا بعدُ
‎اكتشافٌ
‎واكْتشفْنا
‎واكْتشفْنا
‎واكْتشفْنا ذاتَ يومٍ
‎أنّ بعضَ الماءِ في الحيّ مضافٌ
 
‎فسلامٌ للغواياتِ التي كنّا
‎سلامٌ للخَبَايا
‎لاحتشادِ الأرجوانِ
‎لدى الشّبابيكِ العتيقةِ
‎لابنةِ الجيرانِ
‎أفقدت الخرائطَ وعيَها
‎للقلبِ وهْوَ يفيقُ مِنْ غيبوبةِ الأسماءِ
‎والأشياءِ
‎لكنّ ارتحالاً مِنْ خيَالٍ
‎لمْ يزلْ يُلقي عليه بثِقلِهِ
‎يُلقي عليه بأمّةِ الرّغَبَاتِ
‎ثمّ يجيءُ يسْتَفْتي السّلالَ
‎فيشرئبُّ بهِ انتماءُ الرّوحِ
‎للثّمَلِ المقدّسِ
‎للمسافاتِ القصيّةِ
‎للرّحيلِ
‎سوى الرّحيلِ
‎وللطّقوسِ
‎سوى الطّقوسِ
‎وللحياةِ
‎كَمَا الحياةُ

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي