loader
MaskImg

ديوان نخيل

يعنى بالنصوص الشعرية والادبية

قصائد

breakLine
2024-04-21


حيدر يونس كاظم/ شاعر عراقي

 

الشتاء

 

 

جاء الشتاء
والجسدُ المرتابْ
واهٍ في الثيابِ الباليات وفي العذابْ
كأن الذي لَفَّ قلبي

             زلزلة الساعة والضباب

وهذا المساء ..
باردٌ كَانطِفاء الضياء عند الأصيلْ
يسحبُ الجِلدَ المُدثَّر بالغطاءْ
يَسحبُهُ .. ويَدِّقُ في العينِ الأفولْ

قَلبٌ .. تَلَفَّع بالضباب وبالذبول
عينٌ .. دُقَّ في رؤاها صليب العماء
فكيف أحلمُ وأنىٰ أصيح .. 
من أين الطريق ؟ من أين ؟
وكاد الباب يُفتحُ لولا الحصاة 
كاد يدخلُ البرد العميق
أشواك رياح

جاء الشتاء
يحمل في الوقت الأمل الخجول
يحمل في الأيدي السُقم المرير
ويطوف على الراقدين في البيتِ الصغير
كأن الطفل الذي نام من فرط البكاء
غنّى له البرد الحزين، وشيئًا فشيئًا 
أختفى صوت النحيب
ونام الطفل المقمطَ بالدماءْ

وبقيتُ وحدي أصيحُ
يا وحشة البلدِ الكبير

                " إنّا متعبون "

مِن تلك العيون الغانيات 
من هذا السفر المُعبدَ بالوقوف
ومن كل الوجوه الذابلات
كذِبًا نلعن العمر الحنون
والصدق إنا مُتعبون
كما قال بسامٍ .. فقط متعبون
وقد جاء الشِتاء
يحتضن الجير المطرز بالرمال
وينسلُ في الأقدام الحافية 
فتقفز الذكرى البعيدة للصِبا والبادية
قبل أعوامٍ
لم يكن في أقدامي نعال 
كنت طفلًا
في الشارع المغمور بالأمنيات وبالسعال
يأخذنا الوقتُ لا ندري كم مرة صحنا " حلال "
وحين ينفضُّ الصُحاب
حين يغور النهار في كف الغروب
يشتدُ في عظمي، بردٌ فظيع
فيكلمني الصُحاب، قد أشتقنا للربيع
متى يجيء
قد مللنا من وجوه عابساتٍ، 
يلثمها حزن الدروب
وتصفعنا ريح الجنوب 
فخفنا، لا من مرضٍ عميق
بل من أهلنا، قد تأخرنا خارجًا 
قد ضعنا في الطريق
بعد أن جاء الشتاء


■■


الأحدب والشيخ

 

جَلسَ الأحدبُ قُربَ الشيخ
بِعَينيهِ الصَفراءَ المكدودة
وببزَّتهِ المَنسوجةَ مِن أصيافِ جهنمْ
وعصاهُ المتآكلة الأطراف
ودمٌ أزرقَ يمشي فوقَ الجلدِ المعصور
وكدماتٌ في كلِ العمر
صوتهُ محشورٌ بين لوزتهِ وبكاءه
ثمة شيئٌ في رأسهِ لا يَخرُجُ من فاهه
يُحاولُ ..
ثمة شيءٌ يأبى أن يتكسرَ في أحضانِ الشيخ 
ثمة شيءٌ, نفورٌ, عراءٌ, رغبةٌ, أملٌ
أو ثمة لا شيء .. سوى الصمت

تَكلَمْ يا أحدب – قال الشيخُ – بِبُطءٍ, أُحْفُر حِدبَتُك المملؤة بالشكوى, وبُثَ لنا أنين التُعساء
لا أدري يا سُلطان التقوى – قال الأحدب – لا أدري يا شيخَ السلوى, ماذا في فاهي من صمتٍ أو شكوى،
مُرٌّ .. يا شيخي طَعمُ الحلوى
مُرٌّ .. أن يتنازل شخصٌ عن ميزته كأنسان

صوتٌ يخرجُ من فاهِ الأحدب موهوناً مرعوبا
يتلكمُ عن إمرأة تبكي في حدبتهِ أياماً مُنذ قرون
عن طفلٍ قَطفوهُ كتُفاحة آدم من أمه
وزرعوا حَبلَ ولادتهِ في بطنِ الأحدب
فصار  الأحدبُ أرضًا للطفل, يلعنها كُلَّما كَبُرَ عاماً
يَتَكَلمُ عن حادثة حصلت في قلبه ..
قالَ : قد ذبحوا الحسين وحملوه على الرمح، وداروا بهِ في قلبي، فلماذا أتحمل ذنب الناسِ وذنبَ الرمح ؟ 
يَتَكَلمُ الأحدب ..
عن بكاءِ دِجلة والفُرات, الذان حَفرا في خديهِ المجرى الأبدي
وتكلم أيضاً عن حملِ حبيبين بأصابعه المتشققة المزدحمة السوداء المهجورة،
دَار كلامٌ في رأس الشيخ
( لعل جمالَ الأحدب .. حمل حبيبين غريبين, بين الأظفر  والمجرى في خده )
وأكمَلَ الأحدبُ كلامه، عن ليلٍ لا يشبه ليل الأزمان, عن صَحْبٍ كالأعداء أمانيهم لخطواته, تكلم عن سياراتٍ نفثت ألوان الدخان المعطوب بعينيه, عن فاتنة بلطيقية لا ترنو له بنظرة أشفاقٍ  أو شكٍ أو نظرة خجلٍ أو تطوي خصلة شعرٍ فوق حدبته السامقة في ظهره, كما تمتدُ لغريقٍ بعد اليأس يدُ,
تكلم عن ..
قال الشيخُ : من أنتَ؟, ولماذا تحمل في حدبتك أيوب ووحشتهِ ؟ 
قالَ ..                               
أنا الأحدبُ .. قال لي الخالقُ .. كُن أحدباً..

" فَكُنتُ العِراقْ "
 

...........................

الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-

www.iraqpalm.com

او تحميل تطبيق نخيل

للأندرويد على الرابط التالي 

حمل التطبيق من هنا

لاجهزة الايفون

حمل التطبيق من هنا

او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي 

فيس بوك نخيل عراقي

انستغرام نخيل عراقي