مقالات ادبية واجتماعية وفنية
سعد علي حياوي | كاتب عراقي
قرأنا كثيرا من الروايات والقصص التي تصور بشاعة النظام السابق، وأكثرها كانت معبرة حقا، لاسيما قصص السجون، مثل رواية فينكس لناهض الهندي وغيرها، لكن تشابه الثيمة لايعني التساوي في الجودة ابدا، وخاصة لما تكون الإدانة مباشرة وتقريرية.
رياض في قصة ديوان الريف، وعبد الرحمن الكردي يتناول هذه الثيمة، بحكايتين مختلفتين،
لا يمكن أن نتجاوز الحكاية عند رياض، وربما لهذا قصصه لاتنسى بامد قصير، أنه يهتم كثيرا بالحكاية التي يتفنن في تصويرها، ويكون السرد تابعا للتصوير والحكي، هذه هي ميزة رياض، فأغلب القصاصين_ ممن قرأت لهم _
تكون الحكاية مفككة تحت ركام الجمل حتى تضيع وتتشتت، لان الحكاية تابعة للسرد، ولننثل بهذا المخطط:
حكاية/سرد/فن
اي أن المبنى الحكائي له القدرة على توضيح وتركيز المتن الحكاي وربما تأويله.
اما القصص التي تتبع نظاما مختلفا أو تنسى بسرعة البرق،فننثل لها هكذا:
سرد/ حكاية (إن وجدت)/ تشتت وتفكك الحبكة.
اي أن المبنى الحكائي، جار على المتن، بسبب اثيال اللغة وجمالياتها، أو عدم وضوح الفكرة التي تسبق الحكاية.
فماهي التقنيات التي يستخدمها رياض في جعل قصصه مميزة، ليس في السرد العراقي، بل أزعم في السرد العربي كله.
في قصة ديوان الريف، بعد أن يمهد لقصته بجلسة بين صبرية وچاسب، تمثل المظهر الحياتي لحياة هانئة، يختلفان بود وبحنان وبحميمية، وكأنه ليس له الا هي، وليس لها الاهو، فلا تكتظ القصة بالاهل أو الاقارب، أو حتى الاطفال، هما وبرنامج ديوان الريف، واختلاف رأييعما في الصوت الأجمل، ولننتبه فهذا الاختلاف سيتحول بعد سنين، إلى علامة، إلى هوية لهما.
وفي هذا النوع من السرد يكون مساويا للزمن، اي ان زمن القصة مساو لزمن السرد، وبعد كلمة صار، ينتقل بشكل مفاجئ إلى سجناء، بل سجناء في الفين وثلاثة، اي ان زمن السرد أقل بكثير جدا من زمن القصة، المشترك الوحيد بينهما هو الشخصية، چاسب الذي، لانعرف لماذا سجن، وليس مهنا أن نعرف، فهو أمر طبيعي، في ذلك الزمان المقيت وغير الانساني، لتتعرف عليه صبرية لاحظ دلالة الاسم
من صوته وانفاسه، وهذه الجملة العبقرية، اختصرت أن يقول لنا أن فترة السجن كانت طويلة، وأن جاسب، قد تغيرت ملامحه، فلم تعرفه من شكله وانما من انفاسه التي لا تشبه انفاس الاخرين وصوته الذي يختلف عن اصوات الآخرين، وكانهما بصمات الاصابع لكل شخص.
فيرد عليها، بجملة أخاذة وساحرة
(وروح امي فرج صوته احلى) ليعود بنا إلى الزمن الاول والواقعة التي بدأبها القصة، بل وكأن وجودهما على قيد الحياة محا باللقاء، سنين الفراق والسجن، بل محا توقف برنامج ديوان الريف نفسه.
اما عن قصة عبد الرحمن الكردي ، ولنتحرر قليلا من قيود النقد، ما قراتها الا وبكيت،
أو كدت.
كم من أم فقدت أبناءها وثكلت بحرب عبثية، شاخ فيها الشباب وشاب منها الرضيع، لكن ام جابر قابلت هذا العبث بشجاعة وكتمان عجيبين، إذ هربت بوساطة عبد الرحمن الكردي ابنها إلى خارج العراق، وعملت تمثيلية أن ابنها شهيد، ولهذا قالت لابنها الآخر الذي استدعي للحرب (سادبرها).
اذا كانت التقنية التي خلقت التشويق والفن في قصة ديوان الريف هي الزمن، فإن التقنية في قصة عبد الرحمن الكردي، الذي ربما يكون رمزا ليد رحيمة في زمن التوحش، هو المكان.
أن أزمة رضا وأمه هي أزمة مكان، فمن البيت ومكان العمل الفسيح إلى مكان عدائي، فلم تغير اللام المكان باخر أليف، وبواسطة يد القدر الرحيمة نفسها التي أنقذت ابنها الأكبر ، ونجحت في خطتها،
الحق أنني اعتقدت أن رياض كان سورياليا، وأنه توهم وجود أخيه في لندن، حتى نبهني الدكتور الصديق رعد الحلي إلى حقيقة وجوده وأنه لم يقتل والدليل لم تسمح الام أن يفتح أحد التابوت،
وكل ذلك، كان السارد حاذقا في ذكر أدق التفاصيل، ودهشة اللقاء ومنطقية الواسطة عبد الرحمن الكردي، ولاحظ دلالة الاسم واللقب، فعبد الرحمن من الرحمة، والكردية دلالة التهريب من الشمال.
ومازال لهذه المجموعة ما يقال ويعجب ويدرس.
...........................
الاخبار الثقافية والاجتماعية والفنية والقصائد والصور والفيديوهات وغير ذلك من فنون يرجى زيارة موقع نخيل عراقي عبر الرابط التالي :-
او تحميل تطبيق نخيل
للأندرويد على الرابط التالي
لاجهزة الايفون
او تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعي